*شرح الرحلة الدعوية إلى بلاد الحبشة*
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه أما بعد:
فقد أخرج ابن أبي عاصم في السنة من حديث عتبة ابن عبد رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال الخلافة في قريش والحكم في الأنصار *والدعوة في الحبشة* ".صححه العلامة الألباني في الصحيحة (1851).
فهذا الحديث وإن كان بعض أهل العلم حمله على الأذان وفضيلة بلال الحبشي رضي الله عنه مؤذن النبي ﷺ إلا أن بعض المشايخ أفاد أنه لا مانع أن يحمل على الأذان وعلى الدعوة إلى الله..
وهذا هو الواقع الملموس الذي رأيناه ورآه غيرنا في بلاد الحبشة..
فمنذ زمن طويل وأنا أسمع عن قوة الدعوة السلفية في بلاد الحبشة وذلك من خلال ما يخبرنا إخواننا الأحباش الذين تتلمذنا وإياهم في دار الحديث بدماج
وكان بعض الإخوة الحبشيين يقول نحب أن تزورنا إلى بلاد الحبشة..
ثم إنه من فضل الله وتوفيقه يسر لنا زيارة دعوية إلى تلك البلاد برفقة أخينا الشيخ الفاضل أبي طاهر يحيى الآنسي حفظه الله
بطلب من أخينا الشيخ الفاضل جمال بن ياسين الحبشي حفظه الله
حيث وقد زار في هذه الأثناء في شهر رجب مراكز أهل السنة في بلاد اليمن ومنها مركز شيخنا يحيى في شحوح وألقى كلمة في المركز بطلب من الشيخ ثم إنه طلب من الشيخ أن يكون لنا زيارة دعوية إلى بلاد الحبشة..
وبعد مشورة شيخنا يحيى حفظه الله بالنزول إلى بلادهم قام الشيخ جمال بتهيئة وتجهيز السفر فانطلقنا برفقته من مطار عدن في تاريخ 17 شعبان لعام1444من هجرة النبي ﷺ.
فوصلنا مطار أديس أبابا عاصمة بلاد الحبشة
فكان في استقبالنا عدد من طلاب العلم الفضلاء والدعاة النجباء الذين يقومون على الدعوة السلفية في بلاد الحبشة وفي مركز دار الحديث في الفتح وفي دار الحديث بالأنصار جزاهم الله خيرا
وكان في الحضور عدد من المشايخ وطلاب العلم الذين تتلمذنا وإياهم في دار الحديث بدماج فكانت فرحة عظيمة رؤيتنا لأحبة كرام أمثالهم كان آخر لقاء ببعضهم هو خروجنا من دماج
وقد رأينا فرحة عظيمة تغمرهم ووجدنا انشراح صدر وراحة قلب وسعادة عظيمة والفضل لله وحده
فعند وصولنا إلى بيت الشيخ جمال الحبشي وفي مكتبته الطيبة وكنا في ضيافته لطعام الغداء وقد تكلف بضيافة واسعة فأكرمه الله وزاده من واسع فضله وأخلف عليه بالخير
والتقينا بعدد من طلاب العلم والمشايخ الفضلاء من بلاد الحبشة ومن إليهم من طلابهم وأنصارهم وأعوانهم المحبين للعلم والسنة من صغار وكبار وشباب
ورأينا حفاوة وكرماً وحسن استقبال وترحيب والفرحة تغمر الجميع.
فأكرمونا غاية الكرم حال بقائنا عندهم وهذا معروف عن إخواننا الأحباش بما لا يوفي بالوصف أنهم أهل نخوة وكرم وسجيتهم في هذا الباب يكاد أن يكون جُبل عليها الكثير منهم وخاصة أهل السنة منهم فكل ينافس في خدمة الضيوف والقيام بشأنهم بكل رحابة صدر فجزاهم الله خيرا…
وبعد أن أخذنا قسطا من الراحة في المكان المعد للبقاء في هذه الفترة عند بعض إخواننا الكرماء وهو الأخ الفاضل عبد الكريم الحبشي جزاه الله خيرا وهو من الإخوة الطيبين الكرماء المحبين للعلم والسنة فأكرمه الله وأصلح له ذريته وبارك فيهم أجمعين…
وبعدها خرجنا إلى المركز ورأينا جموعا كبيرة غفيرة من الناس في المسجد وقد امتلئ وازدحم الناس واكتظ المسجد بالمصليين وصلى الناس في الطرقات وعلى الأرصفة حتى إنهم قدموا في بعض المرات سؤالا عن حكم تقدمهم على الإمام حال الصلاة خارج المسجد فأفتاهم الشيخ يحيى أبو الطاهر أنه لا بأس للضرورة ونقل الشيخ علي العفري لهم فتوى عن شيخ الإسلام بجواز ذلك للضرورة…
فاشترك الجميع في المحاضرة في دار الحديث في الفتح بين مغرب وعشاء وقبل المحاضرة كان التقديم والترحيب من الشيخ الكريم كمال الحبشي حفظه الله وهو من طلاب دماج الذين عرفتهم بالجد والاجتهاد في تحصيل العلم وله جهود في مركز الفتح نفع الله به..
ومن ثم ألقيت قصيدتان الأولى للطالب المهذب المجد في طلب العلم فيما عهدته عبد الرحمن ولد الشيخ جمال بن ياسين الحبشي حفظهما الله وألقاها الشيخ إسماعيل الحبشي حفظه الله
والأخرى للأخ الفاضل أبي كعب عبد الملك الحبشي حفظه الله فشكر الله لهما حسن ترحيبهما وحسن ظنهما بإخوانهم…
ثم بعد المحاضرات وبعد صلاة العشاء كانت كلمة وفيها ترحب من الشيخ جمال الحبشي حفظه الله ثم بعدها خرجنا من المسجد فرأينا الناس كالسيل في زحام شديد عظيم كل يريد المصافحة فصافحنا من قدرنا على مصافحته منهم في شدة من الاكتضاض وهم جموع لا يكادون يحصون من كثرتهم والفرحة والبسمة لا تفارقهم…
ثم جلسنا مع الإخوة والمشايخ في الضيافة ورأينا إخوة كثر ممن كنا معهم في دماج منهم الشيخ أحمد الحبشي والشيخ سلطان الحبشي والأخ الفاضل عبد الله الطويل الحبشي وإخوة كثر لا يحضرني أسماءهم وكذا غيرهم من طلاب العلم والدعاة من تلك الدار ولمسنا منهم محبة لبعضهم وألفة وإخاء وتعاونا فيما بينهم وكلمتهم واحدة وعندهم تواضع
ثم بعدها كلمة ختامية لأبي قتادة ثم بعد العِشاء توجهنا إلى بيت أبي قتادة وقد أكرمنا بالعَشاء وحضر جمع من الإخوة السلفيين وبعضهم ممن كان يستمع لشبهات البرامكة فكان قبل العشاء إلقاء بعض الأسئلة والإشكالات التي يثيرها خصوم شيخنا يحيى من شبهات وتلبيسات فتفضل بالإجابة عليها وفندها الشيخ علي العفري فوفى وكفى جزاه الله خيرا…
ثم اليوم الثاني رجعنا من هذه البلاد سفرا إلى أديس أبابا وإلى مركز الفرقان ثم أخذونا جولة إلى فصول الطلاب في المركز ورأينا حلقات العلم للصغار والكبار في القرآن وغيره ورأينا جهودا طيبة في بث العلم ونشره في حلقات الأطفال والشباب فكتب الله أجرهم…
ثم بعدها ودعنا إخواننا في مسجد الفرقان وقد حزنوا كثيرا علينا وحزنا عليهم والله المستعان
فتوجهنا بعدها إلى مركز الفتح وأخذنا أمتعتنا وودعنا إخواننا وقد حزنوا كثيرا لفراقنا وحزنا لفراقهم والله المستعان..
ثم توجهنا بعدها إلى المطار برفقة أخينا الشيخ جمال الحبشي والشيخ علي العفري وأخينا المفضال خضر الحبشي بارك الله فيه وفي أهله وماله..
وقد كان ترتيب إخواننا أهل مركز الفرقان أن يرافقوننا هم أيضا إلى المطار
ولكن طلبنا من الجميع أن يتم توديعنا كل من مكانه كي لا يحصل لفت النظر في جموع الإخوة حال توديعهم لنا من المطار وقد لبوا هذا الطلب فشكر الله لهم أخلاقهم واستجابتهم…
هذا مختصر ما رأيناه في رحلتنا الدعوية إلى بلاد الحبشة والحق أنني لم أستطع أن أعبر عن كل ما رأيته من خير وأجد قصورا في التعبير وعدم إيفاء بالجميل وتعجز الكلمات في وصف ما رأيناه من خير في بلاد الحبشة فهم يستحقون أن يكتب في سيرتهم كتابا مستقلا يقرأه الأجيال في الخير والجهد المبذول الذي يقدمونه للأمة في بلاد الحبشة وفي بلاد فيها النصارى بشتى فرقهم والمتحزبة ومن إليهم…
ولكن من فضل الله أن الدعوة في ذاك المكان لأهل السنة فحسب وهي سائرة على قدم وساق ومن عجيب ما رأيناه وسمعنا به أنه لا يوجد فيها برمكي واحد من أصحاب الحزب الجديد حزب مشايخ الإبانة ولا معهم مسجد ولا دعوة ولا أتباع
وإنما الظهور لدعوة أهل السنة السلفيين طلاب الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله وعرفها القاصي والداني بالخير والتميز حتى الدولة مع أنها نصرانية إلا أنهم لا يؤذون دعوة أهل السنة السلفيين لأنهم لمسوا أنها دعوة أمن وأمان وبعد عن الفتن والفوضى فلذلك كان لها الهيبة والقوة والظهور على غيرها من الدعوات المضلة وهذا مصداق ما جاء عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ " رواه مسلم وغيره.
فنبشر كل سلفي في كل مكان أن دعوة أهل السنة في بلاد الحبشة دعوة تسر وتسعد كل سني سلفي ونسأل الله أن يجمع كلمتهم على الحق وأن يؤلف بين قلوبهم ويصرف عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله رب العالمين .
وكتبه
أبو المنذر عمار الحوباني من مركز أهل السنة في دار الحديث بشحوح من بلاد حضرموت -سيئون.