ما حال هذا الخبر الذي ترويه الصوفية في فضل ذلك الاستغفار ؟
#الفتاوى
سلسلة الفتاوى الصوتية
للشيخ أبي محمد عبد الحميد الحجوري الزعكري حفظه الله تعالى.
في مركز السنة في مسجد الصحابة – بالغيضة – المهرة، اليمن حرسها الله.
السبت 09 / رجب / 1440 هجرية.
الأسئلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول السائل:
أما بعد :
فقد وجدت في أوراق مخطوطة الاستغفار الآتي وتسميه الصوفية
(استغفار شهر رجب) وجاء في أوله:
بسم الله الرحمن الرحيم.
أستغفر الله ثلاثا وأتوب إلى الله من جميع ما يكره الله قولا وفعلا وناظرا وظهيرا …
وأستغفرك لما دعاني إليه الهوى من فعل الرخص مما اشتبه عليّ وهو عندك حرام ….. إلخ
وتذكر الصوفية حديثا في فضل ذلك الاستغفار وفيه:
يا أمي افتحي الباب لسيد المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله .
ثم قامت ففتحت الباب بعد ذلك فسألها عن حال زوجها وكيف كان يفعل ؟
فقالت : ما رأيت منه شيئا من أفعال الخير إلا فِعالَ القبيح وشرب الخمر والزنا والفجور والفسوق ولا رأيته في تمام عمره يصلي ركعة واحدة إلا أني رأيته إذا جاء شهر رجب فإنه يقوم في آخر الليل ويغتسل ويصلي ركعتين ويتلو من هذا الاستغفار في كل ليلة من رجب .
ومن كَثرَةِ قراءته حفظتُهُ منه يا رسول الله !؟
فقال لعلي رضي الله عنه : يا علي اكتب هذا الاستغفار !
فصارت المرأة تقرؤه وعليٌّ يكتبه إلى أن ختمه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من قرأ هذا الاستغفار أو جعله في بيته أو متاعه أو حمله معه جعل الله له ثواب ثمانين ألف نبي و ثواب ثمانين ألف صدِّيق، وثواب ثمانين ألف ملَك، وثواب ثمانين ألف شهيد، وثواب ثمانين ألف حجة، وثواب ثمانين ألف سُجَّدٍ، وثواب ثمانين ألف يمر على الصراط كالبرق الخاطف، وثواب ثمانين ألف مصلي من الخاشعين، وثواب ثمانين ألف …..” – الحديث !؟
والسؤال شيخنا حفظكم الله وبارك فيكم :
1- ما حال هذا الخبر الذي ترويه الصوفية في فضل ذلك الاستغفار ؟
2- وهل يجوز التعبد بذلك كل ليلة بصورة جماعية بعد العشاء في بيوت الله أو في الدور ؟
3- وهل يجوز بيع ذلك الاستغفار في المكتبات؟
علما أنه الآن يباع مطبوعا في مكتبات تريم لكن دون ذلك الحديث المروي في فضله !
وقد تتبعت حديث فضل الاستغفار الذي سبق في مظانه فلم أعثر له على كتاب ذكر فيه إلا أنه يذكر عن صحابي يدعى عبد الله بن السلطان وفيه أن النبي مشى على أطراف أنامله في جنازته لكثرة مشيعيه من الملائكة !
الإجابة :
حال هذا الخبر أن إمارات الوضع عليه ظاهرة و الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بادي من أمور كثيرة:
الأمر الأول أننا لا نعلم فيما كُتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتب الصحيحة أو الجوامع المليحة أو المسانيد العالية ذكر لهذا الحديث ولو كان فيها لتناقله العُبَّاد والزُهَّاد من أهل السنة و الجماعة فهم احرص الناس على الخير.
الأمر الثاني أن دعواه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فان كان هذا في حياته فلا نعلم من الصحابة من هذا صفته انه يفعل القبيح و يشرب الخمر والزنا و الفجور ويترك الصلاة فهذا كذب و ظلمٌ لأولئك الأخيار و إن كان يريد أن ذلك بعد موته فهذا للاعتقاد الباطل عند الصوفية أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر الموالد ولذلك تجد في أقوالهم
مرحبا يا نور عيني مرحبا مرحبا جد الحسيني مرحبا
و ربما قاموا في حضراتهم لظنهم انه دخل إلى غير ذلك.
الأمر الثالث مما يدل على بطلانه وكذبه ووضعه انه يُجرَّئ على ترك الصلاة و ترك الصلاة كفر بالله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
بين الرجل و بين الشرك و الكفر ترك الصلاة .
فلا يجوز أن يصلي الإنسان في شهر ويترك في شهور لا يجوز أن يترك صلاة حتى يخرج وقتها متعمداً فضلاً أن يتركها في سنينه و أيامه و شهوره وأعوامه.
الأمر الرابع انه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخصيص شهر رجب بشيء من العبادات وقد مر معنا في قرأتنا في كتاب أخينا الشيخ أبي بشير الحجوري
أن الشوكاني رحمه الله يدعو بالتقبيح على من وضع حديث في جمعة القضاء في رمضان.
و فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم هذا الأمر حتى لقنته هذه المرأة وأخد هذا الحديث عنها وهذا من الكذب.
فلو كان هذا الحديث ثابتاً لأوحاه الله إلى محمد صلى الله وسلم ولم يأتيه من طريق امرأة.
ومما يدل على وضعه أنه جعل من يأتي بهذا الحديث أو هذا الذكر في الفضيلة والتواب كثمانين ألف نبي ومعلوم أن الأنبياء لا يوازيهم احد لا فضلاً ولا تواباً وان مرتبتهم اعلى الرتب.
لكن لتعلم ذلك القول الصوفي الذي يقول:
مقام النبوة في برزخ دوين الولي و فوق الرسول.
فهم يعتقدون أن الولي افضل من النبي وأيضاً كونه يأتي اكثر من تواب اكثر من تواب ثمانين ألف صديق و ثمانين ألف ملك الملائكة مسخرون في طاعة الله عز وجل.
و لا يعلم ما يذكره مثل هذا المتشدق بهذا الحديث.
فهذا حديثٌ موضوعٌ لا يشك في وضعه إلا جاهل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم و بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وبطريقة السلف أصحاب الحديث.