(تعزيز السيف اليماني لدفع تطاول المحرش: خالد الغرباني)
ما الشيبُ عيبٌ في بني الإنسان [1]إلا إذا عِيبَ القِرى بدخان
هذا غبار الدهر قد ألقى به[2]في الرأس والفودين والأذقان
والله قد أبقى لكم مِنْ مِقولي[3]صُمَّ الجبالِ وحيَّةَ الوديان
وأنا أبشركم بأني مُرصِد[4]سيفي لكم وكِنانتي وحصاني
امنع قُرونَك أن يشيب سوادُها[5]إن كان شيبُ الحُر من نقصان
الشيب نور للوقار على اللحى[6]وعلى ذوي الإسلام كالتيجان
يكفيه فخرا أن يُخالفَ لونُهُ[7]لونَ الغرابِ الحالكِ الألوان
ما الشيب عيب فاحترس من ذمه[8]العيب في التطفيف للميزان
العيبُ كلُّ العيب أنك ناقصٌ[9]وتَذُمُّ أهلَ الفضل بالنقصان
إن شاب رأسي لن تشيب قصائدي[10]فيكم و إن وارى الثرى جُثماني
سيظل فيكم ما نظمتُ مُصَمَّما[11]في العظم لا يبلى مع الأزمان
ونُحفِّظ الأطفال من أبنائنا[12]تاريخَكم وصنيعَ كلِّ إباني
لو كنتَ تخجل ما أخذتَ قصيدتي[13]وبها تَرُدُّ عليَّ بالعنوان
باسم المعارضة التي سميتَها[14]شوهتَ ألفاظي وحسنَ بياني
وأضفتَ أبياتا بها نُزِع الحيا[15]منكم وأصبحتم من السفهان
ليست معارضةً ولكن سرقةً[16]للشعر لا تخفى على دِهقان
إذ لا يُعارَضُ بالقريض مُبغَّضا[17] لكن يُعارَضُ صاحبُ الإتقان
من يُقتَدى بالشعر في أسلوبه[18]لا من تناقضه من الأقران
هذا ولستُ أرى الذي أهدى لكم[19]شعري سوى رجل حقودِ جَنان
غِمرٍ يحاول أن يطير مساميا[20]صقرا ولا يقوى على الطيران
فرخٍ يحاول أن يطير إلى الذرى[21]وجناحه يهوي إلى القيعان
لوأنني أقذعتُ مثلك في الهِجا[22]لغدوتُ مثلَك ساقطَ الأركان
لكنَّ لي خلُقا أبيًّا لا يُرَى[23]مثلَ الغراب يَقُمُّ للديدان
ما أسهل القولَ البذيءَ ورودُه[24]وأشدَّه وقعا على الآذان
لكن مغبته تعود على الذي[25]قد قاله مِنْ فاحشٍ طعَّان
نهبُ الفتى الأشعار من عجز به[26]مثل الذي يسطو على الأكفان
قد كان أولى أن تؤاذنني به[27] إن كنت محتاجا لحسن معاني
لا أن تُغِيرَ على قريضي شاتما[28]عِرضي ولم تشكر ندى إحساني
شوهتمُ الشعر الجميل بردكم[29]وكذاك يُبلَى البيتُ بالفئران
لا النحوَ أبقيتم ولا ألفاظُه[30]سَلِمت من التحريف والنقصان
ضَحِكَ الذي أعطاك شعرا طامعا[31]وعليك يضحك كلُّ ذي عرفان
لو كان ذو حق لأبرز وجهه[32]ليس التخفي شيمة الشجعان
إن الحجاب على الإناث فضيلةٌ[33]لكنه عيبٌ على الذكران
والمرء مهما خاض غيرَ فنونه[34]بعجائب يأتي وبالنكران
لا شيءَ غيرُ الجهل تشهره على[35]من خالفوك وغيرُ فحشِ لسان
من أجل ذي الدنيا تعادي أنجُما[36]يدعون للتوحيد والإحسان
الحمد لله الذي من فضله[37]أن لم تجد شعرا سوى أوزاني
ما عندكم ما تفخرون به سوى[38]شعري وشعري ثابتُ الأركان
آمنت بالله الذي لا يُشتَرى[39]ما عنده بالزور والبهتان
إن كان كذابُ اليمامة صادقا[40]بنبوة فصدقتَ يا غرباني
إن صحت الدعوى له بنبوة[41]صحت دعاواكم من الأوزان
لو كنت تستحيي على وجهٍ لكم[42]لم تنطق العَورا لك الشفتان
إن كان فيك المس أوآثاره[43]فاذهب لمن يرقيك ياغرباني
هذا وإن شفاءكم في كية[44]تكوى بها من لوثة الشيطان
ولمن يكون به اصفرارٌ في التقى[45]عندي له طِبٌّ من اليَرقان
لا يخدعنَّك من يشجع قدحَكم[46]بالشيخ يحيى العالم الرباني
الشيخ يحيى لن يُضَرَّ بطعنكم[47]مهما طعنتّ بخنجر وسنان
بل إنه يزداد عزا كلما[48]حاربتموه -اعلم- وعِزَّ مكان
من فضل ربي لم يزل في رفعة[49]يحيى به تعلو على كِيوان
انظر نجومَ الليل هل سيضرها[50]من قام يركض نحوها بعِنان
وأراكم في طعنكم لم تفلحوا[51]بل طعنكم يرتد للطَّعَّان
الشيخ يحي لم يُجاهِد عندكم[52]أما الإمام ففارس الفرسان
هذا دليل أنكم لم ترجعوا[53]للحق في نقد ولا تبيان
بل إنكم لم ترجعوا بردودكم[54]إلا لنهج البغي والعدوان
هم يدعمونك إن هلكت فعبدُهم[55]وإذا سلمتَ فخادم السلطان
مازلتُ رغم فجوركم أدعوكم[56]للحق لا أدعو لشيء ثاني
توبوا إلى الرحمن من حرب الهدى[57]وجنته أيديكم من البهتان
عبدالكريم الجعمي
٩ من رجب ١٤٤٦ه