أتباع السلف الصالح

وستكون مواضيعنا إن شاء الله مُستقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله على وسلم , ونهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.

random

آخر الأخبار

random
recent
جاري التحميل ...

خطبة جمعة مفرغة بعنوان شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن للشيخ الفاضل أبي عبد الله عبد الرحمن بن عبد المجيد الشميري حفظه الله

 

خطبة جمعة مفرغة بعنوان: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

للشيخ الفاضل أبي عبد الله

عبد الرحمن بن عبد المجيد الشميري حفظه الله

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم 

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»[آل عمران:102]

 «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» [النساء:1]

 «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا»[الأحزاب: 70،71]

أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

أيها الناس :إن هذا الشهر المبارك شهر رمضان اختصه الله عز وجل من بين الشهور بخصائص كثيرة وبخصائص عظيمة، ومن تلك الخصائص أن الله عز وجل خصه بإنزال القرآن فيه، قال الله جل وعلا:«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ» [البقرة:185]

فالله سبحانه وتعالى أنزل القرآن في هذا الشهر المبارك في ليلة القدر منه، قال الله سبحانه وتعالى:«إِنَّآ أَنزَلنَٰهُ فِي لَيلَةِ ٱلقَدرِ» [القدر:1].

وقال جل وعلا :«إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ» [الدخان:3]

فالله جل وعلا أنزل القرآن في ليلة القدر، وليلة القدر في رمضان أنزله جملة واحدة إلى السماء الدنيا إلى بيت العزة، ثم بعد ذلك نزل مفرقا على حسب الوقائع في مدة الرسالة والوحي وهي ثلاثة وعشرون عامًا، قال الله جل وعلا :«وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا(32)وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا(33)» [الفرقان:32،33].

وقال جل وعلا :«وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا(106)»[ سورة الإسراء: 106]

وهكذا الكتب الإلهية التي هي التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على أنها أيضا أنزلت في هذا الشهر المبارك شهر رمضان، فما دام الأمر كذلك فينبغي لنا جميعًا عباد الله أن نهتم بقراءة القرآن في هذا الشهر الكريم، وأن نكثر من ذلك،وأن نكثف الأمر أكثر من غيره من الشهور حتى ننال الأجور، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعارضه جبريل القرآن في كل سنة مرة وفي العام الذي توفي فيه عارضه مرتين كما في الصحيحين، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فالرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة

وشاهدنا من هذا : وكان يلقاه في كل ليلة فيدارسه القرآن، في كل ليلة يأتي جبريل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتدارس معه كلام الله هذا يقرأ وهذا يسمع والآخر يقرأ والثاني يسمع ، يتدارسان كلام الله سبحانه وتعالى، هذا وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنحن من باب أولى أن نحرص على قراءة القرآن، وأن نكثر من ذلك في هذا الشهر المبارك، فإن السلف الصالح رحمهم الله تعالى كانوا مهتمين بهذا الجانب اهتمامًا عظيمًا، فهذا الزهري رحمه الله تعالى كان إذا دخل رمضان يقول إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام

وكان الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى إذا دخل رمضان أقبل على قراءة القرآن من المصحف.

وكان قتادة رحمه الله تعالى يختم القرآن في كل سبع ليال دائمًا وفي رمضان في كل ثلاث ليال وفي العشر الأواخر منه في كل ليلة.

وكان إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى يختم القرآن في رمضان في كل ثلاث ليال وفي العشر الأواخر في كل ليلتين

وكان الأسود النخعي رحمه الله تعالى يختم القرآن في جميع شهر رمضان في كل ليلتين.

فاقتدوا رحمكم الله بهؤلاء الأخيار، واتبعوا طريقهم تلحقوا بالبررة الأطهار، واغتنموا ساعات الليل والنهار بما يقربكم إلى العزيز الغفار، فإن الأعمار تطوى سريعًا والأوقات تمضي جميعًا وكأنها ساعة من نهار.

عباد الله : القرآن مليء بالآيات التي فيها فضل تلاوة القرآن، والأحاديث النبوية الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة في الحث على ذلك، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم مبينا أن تلاوة القرآن سبب للإزدياد من الفضل، وسبب لتوفية الأجور والحسنات، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :«إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ(29)لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ(30)» [ فاطر: : 31،30]

ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وله حكم الرفع أنه قال :" من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف.

من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لو قرأت جزءًا من القرآن كم لك من حسنات؟ لو قرأت جزءين كم لك من حسنات؟ لو قرأت ثلاثة كم لك من حسنات؟ خير من الدنيا وما فيها، «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ(58)» [ يونس: 58]

في صحيح الإمام مسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال:"أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ.)

ما عندكم ينفد وما عند الله باق، فكونك تذهب إلى بيت من بيوت الله تقرأ آيتين خير لك من ناقتين، والنياق والإبل كانت في زمن العرب من أنفس أموال العرب، كانوا يتفاخرون بالإبل، اليوم يتفاخرون بالذهب وبالمراكب الفارهة في ذلك الزمن يتفاخرون بالإبل أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يبين لهم أن أفضل شيء يتحصلون عليه من أمور الدنيا أن الإنسان كونه يقرأ آيتين خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل، خير عظيم وفضل عظيم يزهد فيه كثير من الناس هداهم الله، لا يتلون كتاب الله ولا يعملون به يهجرونه سيشكوهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ربه،قال الله جل وعلا :«وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30)» [الفرقان: 30]

هجروا تلاوته، وهجروا العمل به، وهجروا تدبره، وهجروا تعلمه، وأقبلوا على علوم الدنيا الفانية وزهدوا ورغبوا عن هذا العلم العظيم الذي هو خير علم وأشرف علم وأفضل علم، ومن ناله وتعلمه فهو من خير الناس ومن أفضل الناس، في الصحيحين من حديث عثمان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" خيركم من تعلم القرآن وعلمه.)

وفي بعض الروايات " أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه.)

ترتفع درجتك عبد الله في الجنة بحسب قراءتك لكلام الله، قال الله جل وعلا في كتابه الكريم:«يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ» [المجادلة:11].

وأساس العلم هو علم القرآن وعلم السنة.

العلم قال الله قال رسوله ** قال الصحابة ليس بالتمويه..

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة** بين الرسول وبين رأي فقيه...

كل العلوم سوى القرآن مشغلة** إلا الحديث وإلا الفقه في الدين...

العلم ما كان فيه قال حدثنا **وما سوى ذاك وسواس الشياطين.

فأساس العلوم هو كلام الله، أن تتعلم كلام الله، وأن تتعلم معانيه وتتعلم تفسيره وتعمل به، إذا فعلت ذلك فأنت على خير عظيم، روى الإمام الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها.)

منزلتك في الجنة عند آخر آية تقرأها فاقرأ كلام الله واستكثر من هذا الخير العظيم عبد الله استكثر، الإنسان لو تحصل على فرصة دنيوية يستكثر مااستطاع فإذا أنت يا عبد الله في فرصة عظيمة، تتمنى يوم القيامة حسنة إذًا كثر حسناتك بتلاوة كلام الله جل وعلا، تتمنى حسنة تثقل موازينك، تتمنى حسنة تنجيك من عذاب الله عز وجل، تتمنى حسنة تسبب لك دخول الجنة، استكثر فالمجال مفتوح والفرصة مفتوحة والفرصة سانحة، إذًا عليك عبد الله أن تغتنم الفرصة فنحن في زمن المهلة،  فإيانا والتواني وإيانا والتكاسل وإيانا وتثبيط الشيطان لنا فإنه عدونا بالمرصاد،  يترصد لنا يثبطنا عن الصلاة يثبطنا عن الذكر يثبطنا عن قراءة القرآن، يثبطنا عن تكثير الحسنات ويحثنا إلى تكثير السيئات والعياذ بالله، فلنكثر من تلاوة كلام

الله فإن الذي يريد أن تكون درجته مع الملائكة فعليه أن يتلو كلام الله وأن يعمل به، في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، أي مع الملائكة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه أي يتردد فيه وهو عليه شاق له أجران أجر القراءة وأجر المشقة.) فلست محرومًا من الأجر عبد الله إذا قرأت كلام الله، لست محرومًا إن كنت متقنًا فدرجتك مع الملائكة، وإن كنت لست بمتقن وإنما تتتعتع وهو عليك شاق فلك أجران أجر القراءة وأجر المشقة عليك، تؤجر أجرًا عظيمًا عبد الله، فبادر بادر إلى تلاوة هذا الكلام العظيم كلام الله جل وعلا، بادر إياك أن تتوانى فإنك إذا توانيت ستندم، وإذا أقبلت على القرآن ستفرح وستربح وستغنم، لله أهلين من الناس يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :" إن لله أهلين من الناس، قيل : من هم يا رسول الله؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته.)

القرآن سبب لتنزل السكينة عليك عبد الله والطمأنينة والراحة، راحة البال، طمأنينة القلب، ألا بذكر الله تطمئن القلوب، في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"  وما اجتمع قوم قي بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عندهم.)

إياك إياك أن يشغلك الشيطان فأنت في شهر كريم في شهر القرآن، إذا لم تقرأ القرآن فيه فمتى ستقرأ؟ طوال السنة وأنت هاجر لكلام الله ربما لا تقرأه إلا الشيء اليسير، والبعض لا يقرأ بالكلية، ثم يدخل شهر رمضان فتجده يقرأ قليلا ربما لا يختم القرآن مرة واحدة لا ينبغي هذا، العلماء يقولون ينبغي للإنسان أقل شيء أن يمر على القرآن في شهر رمضان مرة واحدة يمر عليه يختمه ولو مرة، أما أنك ما تختمه بالمرة فلا، أما أنك لا تقرأه إلا قليلا أو لا تقرأ بالكلية فلا، نحن هذه الأمة أكرمنا الله بهذا القرآن الكريم بهذا القرآن العظيم كرامة من الله فيه شرف لنا فيه رفعة لنا، قال الله عز وجل:«لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ» قال ابن عباس : أي فيه شرفكم، أفلا تعقلون، أفلا نعقل أفلا نفهم أفلا نتدبر أفلا نعي أفلا نقبل ؟ فيا عباد الله نقبل على هذا القرآن، نقبل على هذا القرآن نصيحة لنفسي ولإخواني أن يبادروا وأن يكثروا ما استطاعوا من قراءة القرآن.

نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، أما بعد أيها الناس : إن تلاوة القرآن من أعظم أسباب انشراح الصدر، لمن يشكو ضيق صدره لمن يشكو الهم والغم والحزن فندله على تلاوة القرآن فإنه والله من أعظم أسباب انشراح الصدر، ثبت في مسند الإمام أحمد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" ما أصاب أحدًا قط همٌّ و لا حزنٌ ، فقال : اللهمَّ إني عبدُك ، و ابنُ عبدِك ، و ابنُ أَمَتِك ، ناصيتي بيدِك ، ماضٍ فيَّ حكمُك ، عدلٌ فيَّ قضاؤُك ، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك ، أو أنزلتَه في كتابِك ، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك ، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ، و نورَ صدري ، و جلاءَ حزني ، و ذَهابَ همِّي ، إلا أذهبَ اللهُ همَّهُ و حزنَه ، و أبدلَه مكانَه فرجًا قال : فقيل : يا رسولَ اللهِ ألا نتعلَّمُها ؟ فقال بلى ، ينبغي لمن سمعَها أن يتعلَّمَها.)

والشاهد : أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي أي منتزه قلبي،  ونور صدري وجلاء حزني وهمي، القرآن جلاء للأحزان جلاء للقلوب ينورها ويشرحها ويجعلها فرحة بدلا من أن كانت حزينة تنقلب إلى فرحة مسرورة بسبب هذا القرآن العظيم.

القرآن عباد الله إذا تلوناه وقانا الله من الشياطين، الذين يتربصون بنا ولا يفتأون أن يؤذونا، قال الله جل وعلا في كتابه الكريم :«وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا(45)» [ الإسراء: 45]

يجعل الله عز وجل بينك وبين الشياطين حجابًا مستورًا لا يرونك لا يستطيعون أذيتك لأنهم لا يرونك أصلًا، الله عز وجل قد حجبك عنهم بسبب تلاوة كلام الله جل وعلا، يذكرون عن رجل أنه كان كثيرًا ما يتلو القرآن ولا سيما سورة البقرة يقرأها كثيرًا، وكان هناك ساحر يريد أن يسحره ويرسل له الجن بعد الجن ويأتون إليه ويقولون له ما رأيناه، يقول لهم الساحر إنه في البيت إنه في المكان الفلاني ويحدد لهم المكان وهو فعلًا في ذلك المكان يأتون ويرجعون ويقولون ما رأيناه ما رأيناه، لا إله إلا الله أعماهم الله عز وجل بسبب أنه يتلو كلام الله جل وعلا لا سيما سورة البقرة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :"اقرأوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة يعني السحرة.)

الله عز وجل أعطانا خيرًا عظيمًا أعطانا وقاية من الشياطين أعطانا وقاية عظيمة تقينا من الشياطين، آية الكرسي إذا قرأتها عند نومك لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح،  قرآن عظيم قرآن كريم كلام الله جل وعلا :«لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ» [الحشر:21].

 

فيا عباد الله : القرآن العظيم في الرفوف، القرآن الكريم في الرفوف قد اغبر من كثرة ما يهجره الناس، قد أصابه الغبار فأين من ينفض هذا الغبار عن هذه المصاحف ويقرأها يتلو كلام ربه ينال الخير العظيم من الله سبحانه وتعالى، ولا يعني هذا أن قراءة القرآن لا تكون إلا في المساجد بل ينبغي أن تكون في البيوت ، فإن البيوت لا ينبغي أن تهجر من كلام الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم:" لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

فالمرأة في البيت تقرأ القرآن، والبنت في البيت تقرأ القرآن والوالد في البيت يقرأ القرآن والرجل في البيت يقرأ القرآن والرجل في المسجد يقرأ القرآن والولد في المسجد يقرأ القرآن الكل يقرؤون كلام اللَّه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على تلاوة كلام الله وأن يعيننا على العمل به إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وأخيرا أنبه على مسألة ذكرناها في الخطبة الماضية وهي مسألة أن مهرجان الباب الكبير قلنا نعم هو باب كبير إلى نار جهنم لا يفهم البعض فهما غير صحيح فأنا أقصد أنه من أسباب دخول النار هذا هو المقصود، باب أي من أسباب دخول النار لماذا؟ لأن فيه منكرات، فيه تضيع للصلوات وأنتم تعلمون ذلك ، يدخلون وربما بعضهم يفطر في المنتزه الذي في المسبح يفطر في نفس المكان وضيع الصلوات، نعم هو من الساعة التاسعة لكن يبكرون في المجيء، لو قيل لهم بكروا إلى الصلاة ما سيبكرون لو قيل لهم بكروا إلى محاضرة هناك محاضرة ما سيجتمع ذلك الجمع من كل المحافظات رجال ونساء اختلاط مزري موسيقى تضييع للصلوات أليس هذا من أسباب دخول النار؟ فإذن هذا هو المقصود هذا هو الذي أقصده أن هذه المعاصي سبب من أسباب دخول النار لا يفهم البعض لأن بعضهم أتاني وذكر لي أنه قد تفهم غلطا وهكذا نعم نحن نوجه هذا الفهم ونبين هذا أنني لا أقصد شيئا آخر غير ذلك وإنما أقصد أن هذه المعاصي من أسباب دخول النار، فلنحذر من النار ولنحذر من أسباب دخول النار وقد قال الله جل وعلا:«وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ(14)» [ النساء: 14]

نسأل الله عز وجل أن يقينا السيئات وأن يرزقنا فعل الحسنات والخيرات، وأن يجنبنا المنكرات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا مريضا إلا شفيته ولا مبتلا إلا عافيته، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 سجلت في يوم الجمعة  8رمضان 1446مسجد الشميري تعز

فرغها أبوعبدالله زياد المليكي

رابط الملف بصيغة pdf👇👇

https://t.me/atbaasalaf/16093

المصدر: https://t.me/Zaedyyyyyy123456/3114

عن الكاتب

أتباع السلف الصالح

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

أتباع السلف الصالح