أتباع السلف الصالح

وستكون مواضيعنا إن شاء الله مُستقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله على وسلم , ونهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.

random

آخر الأخبار

random
recent
جاري التحميل ...

(( الخلاف الضعيف ليس دليلا مسوغا للاستناد إليه ))


 (( الخلاف الضعيف ليس دليلا مسوغا للاستناد إليه ))

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
البعض آخر ما يتعلق به ، أنه يعد مسألة زكاة الفطر مسألة خلافية !!!
وبذلك يرى جواز إخراج زكاة الفطر قيمة لوقوع الخلاف الضعيف في المسألة !!!
  ويقول ( إذا كانت المسألة خلافة فالأمر واسع ولله الحمد ، والخلاف رحمة ) !!!
وحديث ( لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ) !!
✍ أفول وبالله التوفيق :
إن التعلق بأن زكاة الفطر مسألة خلافة ليس دليلا علي جواز فعل ما هو خلاف السنة !!!!
وليس كل خلافٍ جاء مُعْتَبَرَاً ** إلا خلافٌ له حظٌ من النظر .
فليس كل ما عجز الإنسان فيه عن الدليل ، يحتج بالخلاف !
وفي الحقيقة أن هذا الصنيع إنما هو صنيع المفلس الذي لم يقبل الحق في المسألة وليس معه دليل ، فيتخذ الخلاف دليلا  علي الجواز !!!
كما كان يفعل ذلك ابن الرواندي : كان إذا تكلم معه أحد في مسألة احتج عليه ابن الرواندي بوقوع الخلاف في المسألة !!  
قال عنه شيخ الإسلام رحمه الله ( أنه كان يحتج في المسائل بالخلاف ) [ الفتاوى ( 11 / 570 ) ]
☝ فمن يسوغ مسألة زكاة الفطر بأنها مسألة خلافية ، فهذا باطلا لا يقوم عليه دليلا :
قال ابن عبد البر رحمه الله  ( الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة ، إلا من لا بصر له ، ولا معرفة عنده ، ولا حجة في قوله ) [ جامع بيان العلم ( 2 / 299 ) ]
وقال الشاطبي رحمه الله  ( وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية ، حتي صار الخلاف في المسائل معدودا في حجج الإباحة ! ... ، وهو عين الخطأ علي الشريعة حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمدا ، وما لبس بحجة حجة ) [ الموافقات ( 4 / 141 ) ]
وقال الخطابي رحمه الله ( وليس الاختلاف حجة ، وبيان السنة حجة علي المختلفين من الأولين والآخرين ) [ أعلام الحديث ( 2 / 205 ) ]
هذا أولا .
🔹️ ثانيا : أما من يتعلق بحديث ( لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ) على سبيل وجود الخلاف القوى في المسألة ! ،  فهذا ليس صوابا ، لأن الحديث أن دل فإنما يستدل به على الخلاف القوى إذا واقع في المسألة ، وهو الخلاف الذي مع كل فرقة أدلة صحيحة في المسألة ، أو اختلاف الفريقين في فهم الدليل الواحدة ، هذا هو مكان حديث ( بني قريظة ) ، أما وضعه في مسألة الخلاف فيها ضعيف : طرف معه نص صحيح صريح في المسألة، وطرف آخر ليس معه أدلة وإنما يعارض باقوال ليست معصومة ليثبت بها الخلاف !!
فهذا ليس صوابا ان يستند لحديث ( بني قريظة ) بل هو من خلط الأمور للناس ، نسأل الله السلامة والعافية !!!
فليس كل خلاف يعتد به ويستدل له بحديث ( نبي قريظة )
وليس كل خلافٍ جاء مُعْتَبَرَاً *** إلا خلافٌ له حظٌ من النظر.
                                                       [ قصيدة السيوطي ]
وقد بين أهل العلم : أنه إذا وقع الخلاف فإنَّ الخلاف على نوعين :
👈️ خلافٌ قوي ، وخلافٌ ضعيف .
▪️والخلاف القوي ضابطه : ما كان الخلاف فيه في فهم الدَّليل ولا مُرَجِّحْ .
▪️والخلاف الضعيف : ما كان الخلاف فيه بمخالفة الدليل أو بالغَلَطِ في فهم الدليل .
والخلاف القوي لا إنكار فيه ، فإذا كانت المسألة فيها خلافٌ قوي فلا عَتْبَ من الأصل لمن أَخَذَ بأحد القولين ، أخذ بهذا ، او أخذ بهذا ، هذا يرى كذا وهذا يرى كذا، المسألة فيها سَعَة.
وأما الخلاف الضعيف فإنَّهُ فيه الإنكار .
والخلاف الضعيف : هو ما بكون بين الحق والباطل ، بين السنة والبدعة ، بين الهدى والضلال
ولا شك أن الحق واحد لا يتجزأ ، لا يكون فيه وفي ضده
قال تعالى { فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } [ يونس (32) ]
قال الشافعي رحمه الله ( الحق واحد لا يكون فيه وفي ضده ) الرسالة ( ص 253 ) ]
وقد بين الله الخلاف فقال الله تعالى { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ} ثم استثني الله تعالى طائفة من الفريقين فقال { إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } لأن الحق واحد لا يتعدد :  
قال ابن حزم ( استثني تعالى من رحم من جملة المختلفين ، وأخرج المحرومين من جملة المختلفين) [الأحكام ( 5 / 66)]  
وقال ابن ابي العز رحمه الله ( فجعل اهل الرحمة مستثنين من الخلاف ) [ شرح الطحاوية(2 / 775 ) ]
وقد سئل الإمام  مالك رحمه عن قول الله { ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم }؟
قال : خلقهم ليكونوا فريقين : فريق في الجنة وفريق في السعير ) [ تفسير الطبري ( 15 / 536) ]
وقال ابن وهب رحمه الله ( سمعت مالك فيها : الذين رحمهم الله لم يحتلفوا ) [ الأحكام( 5 / 66 ) ]
وقال المزني رحمه  الله  ( ذم الله الاختلاف ، وأمر عنده بالرجوع إلى الكتاب والسنة، فلو كان الاختلاف من دينه ما ذمه، ولو كان التنازع من حكمه ما أمرهم بالرجوع عنده إلى الكتاب والسنة )
يعني قوله تعالى { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله } وقوله { وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول }.
وقال الشيخ حمد العثمان عن قوله تعالى { ولايزالون مختلفين }.. الآية  وبعض الجهال يستدل بهذه الأدلة على وجوب التسليم والإذعان للاختلاف ، لأن الله أراده ! وهذا يلتبس على من لا يفرق بين ما أراده الله وقضاه كوناً، وما أراده وقضاه شرعاً.
فالخلاف مما قضاه الله وأراده كوناً لحكمة بالغة، حتى يتميز المتبع من المبتدع ، ويقوم المتبع بمجاهدة المبتدع بالحجة والبيان.
فالخلاف كالكفر باعتبار إرادة الله له كونا، فالله لا يحبه، ولكنه سبحانه شاءه وأراده إرادة كونية قدرية ). [ دراسة نقدية لقاعدة المعذرة والتعاون ( ص 30) ]
وهناك قاعده فقهية تقول ( الخلاف قدر يرضي به ، والاختلاف شر ينهي عنه ) .
اي : أن الخلاف من الإرادة الكونية موجود لا محال ، وأما الاختلاف أمر منهي عنه بالارادة الشرعية :
قال ابن حزم رحمه الله  ( قد نص الله تعالى على الاختلاف ليس من عنده ، ومعنى ذلك أنه تعالى لم يرض به ؛ وإنما أراده تعالى إرادة كون ، كما أراد كون الكفر وسائر المعاصي ). [ الإحكام في أصول الأحكام ( 5 / 64) ].
🔹️ ثالثا : إليك بيان من اقوال العلماء في حديث ( بني قريظة  ) حتى يتضح لك فهم الحديث  :
قال الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله  ( الاستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق ليس بواضح ، وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد ، فيستفاد منه عدم تأثيمه، وحاصل ما وقع في القصة أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته، ولم يبالوا بخروج الوقت ترجيحاً للنهي الثاني على النهي الأول، وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها، واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب بنظير ما وقع في تلك الأيام بالخندق. والبعض الآخر حملوا النهي على غير الحقيقة، وأنه كناية على الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة، وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد، لأنه ﷺ يعنف أحداً من الطائفتين، فلو كان هناك إثم لعنف من أثم ) [ فتح الباري 7 /409 - 410]
وقال الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه
( وأما حمل الحديث: (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة) على الإقرار للخلاف فهو باطل لمخالفته للنصوص القاطعة الآمرة بالرجوع إلى الكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [ النساء ( 59 ) ]
وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [ الأحزاب( 36 )]
 وإن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يزعمون أنهم يدعون إلى الإسلام ، فإذا دعوا إلى التحاكم إليه قالوا: قال عليه الصلاة و السلام : (اختلاف أمتي رحمة) وهو حديث ضعيف لا أصل له ) [ السلسلة الضعيفة ( 4 / 448 ) ]
ولا شك أن خير الهدى هدى النبي ﷺ ونحن مأمورون عند الخلاف أن نتحاكم للكتاب والسنة وليس لاقول غير معصومة فقال تعالى  ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا  ) [النساء (59)]
وقد قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (  يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ! أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُونَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ ) [مجموع الفتاوى (20/ 215) ]
وعلق الشيخ ابن باز رحمه الله فقال :
 (معنى هذا: أن العبد يجب عليه الانقياد التام لقول الله تعالى، وقول رسوله، وتقديمهما على قول كل أحد، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة ) [مجموع فتاوى ابن باز (1/ 77) ]
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
(  لا يجوز لأحد من الناس أن يعارض كلام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأي كلام ، لا بكلام أبي بكر الذي هو أفضل الأمة بعد نبيها، ولا بكلام عمر الذي هو ثاني هذه الأمة بعد نبيها، ولا بكلام عثمان الذي هو ثالث هذه الأمة بعد نبيها، ولا بكلام علي الذي هو رابع هذه الأمة بعد نبيها، ولا بكلام أحد غيرهم؛ لأن الله تعالى يقول: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [ مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (5/ 249)]

والحمد لله رب العالمين  .
وفق الله الجميع لكل خير .
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .

✍ ............ كتبه العبد الفقير إلى رحمة مولاه
 صديق بن محمد الشريف
 دار الحديث الأثرية بدلجا
 جنوب الصعيد المصري
 •┈┈┈••✵☁️✵••┈┈┈•

رابط المقال بصيغة pdf

https://drive.google.com/file/d/1Uz7-u9pWhfgr3MWUZaNjF9DxFmHF8y5G/view?usp=share_link 

عن الكاتب

أتباع السلف الصالح

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

أتباع السلف الصالح