أتباع السلف الصالح

وستكون مواضيعنا إن شاء الله مُستقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله على وسلم , ونهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.

random

آخر الأخبار

random
recent
جاري التحميل ...

*خطبة جمعة مفرغة بعنوان: ذكر الأدلة على موجبات الذلة* لفضيلة شيخنا الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه *٢٦ من ذي الحجة ١٤٤٤*

 


*[سلسلة خطب شيخنا يحيى حفظه الله{56}]*

__

*خطب_ الناصح_ الأمين*

__

 خطبة جمعة بعنوان:

 ذكر الأدلة على موجبات الذلة 

*لفضيلة شيخنا الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه*

__

*٢٦ من ذي الحجة ١٤٤٤*

*مسجد إبراهيم شحوح سيئون*

__

*✍️أبو عبدالله زياد المليكي*

__

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]

أما بعد أيها الناس: ثبت عند أحمد وأبي داود واللفظ له، من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه، أن أبا الحوراء قال ماذا تذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال : أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فألقيتها في فمي فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم أصبعه في فمه فانتزعها بلعابها فألقاها في تمر الصدقة وقال : إنا لا نأكل الصدقة.

قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة.

قال : وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :"اللهمَّ اهدِنا فيمَن هدَيت ، وعافِنا فيمَن عافيت وتولَّنا فيمَن تولَّيت ، وباركْ لنا فيما أعطيت ، وقِنا شرَّ ما قضيت ، إنك تَقضي ولا يُقضى عليكَ ، إنه لا يَذِلُّ مَن والَيت ، ولا يَعزُّ مَن عاديت ، تباركت ربَّنا وتعالَيت.

وهذا الحديث العظيم اشتمل على جمل عظيم منها : أن الله عز وجل لا يعز من عاداه ولا يذل من والاه، فإن من والى الله عز وجل ربه يدل على صلاحه، لأن الله عز وجل لا يتولى إلا الصالحين، قال سبحانه وتعالى عن نبيه يخبر عن نبيه أنه قال:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ  وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)}[الأعراف:196].

وأخبر الله عز وجل أن من تولاه سبحانه وتعالى أخرجه من الظلمات فلا يذله الله، فما من ظلمة إلا ويخرجه منها في الدنيا والآخرة، ويجنبه إياها إلى النور في سائر حياته الدنيوية والأخروية،{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ  وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ  أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ  هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)}[البقرة:257].

فمن تولى الله عز وجل تولاه الله لإيمانه ولتقاه :{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ  لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ  ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)}[يونس:62،64].

فدل هذا على أن من تولاه الله عز وجل لا يخاف ولا يحزن، وأن الغلبة له:{وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)}[المائدة:56].

فلا يذل الله عز وجل من تولاه، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت، ولا شك أنها لا تكون الذلة على ولي من أولياء الله، إنما تكون الذلة التي هي بيد الله سبحانه وتعالى لمن عصاه، فقد جرت سنة الله عز وجل أن الله يعز من أطاعه ويذل من عصاه، فالأمر له، والذل بيده، والعزة بيده،{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ  بِيَدِكَ الْخَيْرُ  إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) }[آل عمران:26].

وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من الصلاة قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. لا ينفع شيء لا ذو جاه، لا ذو منصب، لا ذو مال، معطي ذلك هو الله سبحانه وتعالى، فمن أعطاه الله عزاً هو العزيز، ومن أذله الله فهو الذليل، ولما قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين وآثر أناسا من الراغبين في المال يتألفهم من كبار القوم، كان يعطي الواحد منهم مئة من الإبل، فقال بعض الشباب أو بعض الناس من الأنصار آثر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يغفر الله لرسوله، إن سيوفنا تقطر من دمائهم، أن آثارهم علينا، فجمعهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: مقالة بلغتني عنكم يا معشر الأنصار، قالوا : يا رسول الله أما كذا وكذا فقالوا كذا وكذا، أي صغار القوم وبعض الناس، قال : يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، ومتفرقين فجمعكم الله بي، وأذلة فأعزكم الله بي. الحديث. وشاهدنا : أن من أراد الله عزة أعزه بهذا الدين، أعزه بكتاب الله، أعزه بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعزكم الله بي.

فمعشر المسلمين: نحن أعزنا الله في هذا الكتاب وبهذا النبي، وإلا فنحن أذلة، والشأن كما قال عمر رضي الله عنه لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، إنا كنا قوم أذلة فأعزنا الله بالإسلام مهما تخلينا عنه أذلنا الله.

فالعزة بهذا الدين والذلة بسواه، وأخبر الله عز وجل عن المنافقين فقال:{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ  وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}[التحريم:8].

هذا شأن من لا يعلم حكمة الله ودين الله وشرع الله، فإن من لا يعلم ذلك أنه يعتقد العزة في غير موضعها،  العزة لله كما قال عز من قائل: العزة لله ولرسوله وللمؤمنين }

قال:{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا  }[فاطر:10].

والشاهد من ذلك أنها لا تكون الذلة إلا بمعصية الله سبحانه وتعالى، فكانت العرب كانوا جميعا عربا وعجما الأمة كلها أذلة في معصية الله حتى مقتهم الله عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2)}[الجمعة:2].

وإنك إذ تستعرض حال الناس قديما وحديثا في كل زمان ومكان لا ترى ذلة من أذله الله إلا بمعصيته، ولهذا لما عصى بنو إسرائيل الله عز وجل كتب عليهم الذلة، قال الله سبحانه وتعالى :{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ  وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم  مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى  وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ  ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ  ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}[آل عمران:110،112].

فلما حصل من بني إسرائيل المعاصي والاعتداء والظلم كتب عليهم الذلة ولا ينفكون عنها أبدا، أبد الآبدين في الدنيا والآخرة، وقال الله سبحانه وتعالى :{اهبطوا مصرا } لما طلبوا من تلك المآكل ادعوا لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا  قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ  اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ  وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ  ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ  ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)}[البقرة:61].

أنت ترى من كتاب الله أن المعاصي هي أسباب الذلة والاعتداء، فما عصت أمة الله عز وجل إلا كتب عليها الذلة، وثبت من حديث حذيفة رضي الله عنه، أن النبي صلى وسلم قال:" إن هذا الحي من مضر لا يدعون عبدا لله صالحا إلا فتنوه وأهلكوه حتى يبعث الله عليهم جندا من عنده فيذلهم حتى لا يحركون ذنبة العهد. 

وهذا يدل على أن صاحب الاعتداء وصاحب الفتنة والمعاصي تنتظره نقمة من الله دنيا وأخرى، إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته،  أبان الله عز وجل أن ما يحصل من الذلة ليس عبارة أن هذا أمر اكتساب الإنسان يكتسبه يولد به ويخرج عليه هذا ذليل وهذا عزيز لا كلكم لآدم وآدم من تراب، لكن من اكتسب المعاصي اكتسب الذل بذاتها، ومن اكتسب الطاعة اكتسب العزة بذاتها،{وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}يوم القيامة.

وإذا كانت ترهقهم الذلة في ذلك اليوم فهي مرهقة لهم في الدنيا قبل الآخرة، مرهقة لهم، وعلى كواهلهم، كما قال الحسن البصري رحمه الله قال : أبى الله إلا أن يذل من عصاه، والله إن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين فإن ذل المعصية لا يفارق أعناقهم.

أبى الله إلا أن يذل من عصاه، هذه سنة الله في خلقه.

إن الذلة تكون على العبد بالشرك والبدع كما قال سبحانه وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) }[الأعراف:52].

فيا عبدالله احذر الفرية على الله قولا أو فعلا أو عملا، فإن هذا يوجب لك الذل دنيا وأخرى هذه فرية، الشرك فرية، البدع فرية، المعاصي كلها فرية في حسبها، {سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)}


إن الذلة تكون بمحادة الله سبحانه وتعالى، وبالجرأة على معاصيه والمجاهرة بذلك،{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20)}[المجادلة:20]

هذا سنة الله في خلقه هذه، أن من حاد الله ورسوله بمعاصيه فإن الله سبحانه وتعالى يكتبه ويخلده في الأذلين دنيا وأخرى، لا يمكن أن ينزع هذا عن نفسه لا هو ولا غيره، أبى الله إلا أن يذل من عصاه أبى.


إن الذلة حاصلة بسبب المخالفة الشرعية، فكل مخالفة شرعية لدين الله لكتاب الله لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم موجبة للذلة على العباد بقدر ما هي، ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ.

رضيتم بالزرع أي اخلدوا إلى الدنيا وتركوا الآخرة، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم، وفي لفظ حتى ترجعوا إلى دينكم.

هذا هو الواقع، إذا تخلى الناس عن دين الله عز وجل أو عن بعضه فبحسب تخليهم ترهقهم الذل ذلة دنيا وأخرى، إلا أن يراجعوا دينهم، وثبت عن ابن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم. حديث حسن حسنه شيخ الإسلام بن تيمية والحافظ ابن كثير وغيرهم، هكذا جعلت ضربت كتبت على من خالف أمر الله، احذر يا عبد الله احذر، لا تعرض نفسك للذلة، كل من ذل كل من أذله الله هو السبب نفسه،{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30)}[الشورى:30].

هذه شيء يسير من العذاب :{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)}[السجدة:21].

وثبت من حديث عبدالله ابن عمر عند الحاكم في المستدرك، وابن ماجة في سننه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يا معشرَ المهاجرين خمسُ خِصالٍ إذا ابتليتم بهنَّ وأعوذُ باللهِ أن تدركوهنَّ لم تظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بها إلَّا فشا فيهم الطَّاعون والأوجاعُ الَّتي لم تكُنْ مضت في أسلافِهم الذين مضوا، ذلة يرهقهم الله من جنس أعمالهم، الجزاء من جنس العمل، ولم ينقُصوا المكيالَ والميزانَ إلَّا أُخِذوا بالسِّنين وشدَّةِ المؤنةِ وجوْرِ السُّلطانِ عليهم ولم يمنَعوا زكاةَ أموالِهم إلَّا مُنِعوا القطْرَ من السَّماءِ ولولا البهائمُ لم يُمطَروا، ولم يَنقُضوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلَّا سلَّط اللهُ عليهم عدوًّا من غيرِهم فأخذوا بعضَ ما في أيديهم.

انظروا كيف تجترف أموال المسلمين الآن، وبعض المسلمين يجرف أموال بعض، وهكذا نهب بسبب نقض العهود والمواثيق والمعاصي لله سبحانه وتعالى، وهكذا وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخير مما أنزل الله، تخيروا القرآن والسنة ويحكمون يحكمون، بهذا قال : إلا جعل الله بأسهم بينهم.

والله هذه الثورات، والله هذه الفتن في الأرض من الناس على بعضهم، من المحكومين على الحكام، ومن كذلك بعضهم على بعض عدم انصاف هذا لهذا وهذا لهذا كله من هذا الباب وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم، هذه كلها من الذلة التي ترهق الناس بسبب المخالفات الشرعية، وإنك إذ تتحدث في ذلك بحرقة تجد بعض الناس هزالا لاعبا بدينه كأن الأمر ليس بالجد، وهؤلاء الناس لا همهم إلا كذا هذا حياة وموت، هذا  عز وذل، هذه جنة ونار، الأمر ليس بالهين.


إن من أشد ما يجعل الذل على الناس هو الغثائية، عدم التمييز بين المسلم والكافر، بين المحق والمبطل والحق والباطل، فدين الله قام على التمايز، وعلى تعظيم الحق وأهله، وعلى إهانة الباطل وأهله، قام على التمايز، كتاب الله زاخر بذلك، فالعولمة الهمجية الغثائية وأغرابها ونظائر ذلك هذه أسباب الذلة للأمة، ثبت عند أحمد وغيره، من حديث ثوبان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يوشك أن تداعى عليكم الأمم، المقصود نحن وأمثالنا أولئك أعزهم الله، هذا لأمثالنا نحن في هذه الأزمنة وما كان من بابها أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، قصعة مطروحة تعال يا فلان تعالوا تعالوا نهبوها أكلوها، كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا : أمن قلة يومئذ يا رسول الله؟ قال : لا، أنتم يومئذ كثير، كثير ما هو ؟ قال : لكنكم غثاء كغثاء السيل.

لا إله الا الله وكلكم يعرف غثاء السيل، كلكم يعرف ذاك الزبد وما يحمله السيل من غثائيات، ينزع الله مهابتكم من صدور أعدائكم ويقذف الوهن في قلوبكم، فإذا حصل ذلك حصلت هذه الغثائية الهمجية التي لا تميز الإسلام عن غيره، ولا تميز الحق والعلماء، والعلم والدين عن غيره، ولا تكرم ذلك هذه همجية توجب الذلة، وتوجب تسلط الأعداء وتداعيهم.



الخطبة الثانية 


الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الهداة، أما بعد أيها الناس : البلاء كله علينا من أنفسنا وبذنوبنا، فوجب على كل إنسان يراجع نفسه ويحذر عليها من الخلود إلى الدنيا لسبب أو آخر، فإن الله عز وجل حكمته بالغة، وأن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله، في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى آلة حرث قال : ما دخلت هذه بيتا إلا أدخل الله عليهم الذل، ما السبب في ذلك؟ السبب : أنه إذا انشغل الإنسان عن طاعة الله ولها عن طاعة الله أذله الله،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ  وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا  وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)}[المنافقون:9،11].

استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذل، والمسلم حريص على مكارمه في الدنيا والآخرة، لا يحب أن يذل، كما قال النخعي رحمه الله قال: ما كانوا يحبون أن يستذلوا فإذا قدر وعفوا،  فلا يحب أن يذل، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول :" اللهم إني أعوذ بك من القلة والذلة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون.

واستعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، فاحرص يا عبد الله اعتني بهذا الدين، اعتني بهذا التكليف الإلهي، اعتني بأوامر الله، اعتني بمحافظة على شرع الله، هذا كله عائد عليك في الدنيا والآخرة كما دل عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي:" إنما هي أعمالكم احصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فنحن في هذا الحال المسلمون في هذا الحال يلومون أنفسهم يحتاجون إلى توبة إلى الله عز وجل حتى يرفع الله عنهم هذا الذل،  سواء من أعدائهم لهم أو من تكليف أعدائهم لبعضهم أن يذلوا البعض الآخر كل هذا من الذلة، كل هذا من الذلة والإرهاق وعدم الاعتزاز بالله وبدين الله وبشرع الله، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك انت الوهاب، ربنا آتنا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

الخطبة بصيغة (pdf)👇

https://t.me/Zaedyyyyyy123456/1922

رابط ثاني 👇👇

https://drive.google.com/file/d/1CWd2XJeFKBsOy3fs7wboUzEgMGtEHRrv/view?usp=sharing


عن الكاتب

أتباع السلف الصالح

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

أتباع السلف الصالح