أتباع السلف الصالح

وستكون مواضيعنا إن شاء الله مُستقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله على وسلم , ونهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.

random

آخر الأخبار

random
recent
جاري التحميل ...

السابعة عشرة الكلام في أهل البدع أفضل من الجهاد في سبيل الله.

السابعة عشرة  الكلام في أهل البدع أفضل من الجهاد في سبيل الله.

لفضيلة الشيخ أبي محمد عبد الحميد الزعكري حفظه الله تعالى 

السابعة عشرة: الكلام في أهل البدع أفضل من الجهاد في سبيل الله.

ــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ

السابعة عشرة: الكلام في أهل البدع أفضل من الجهاد في سبيل الله.


جرح أهل البدع والتحذير منهم من أعظم الوسائل لنشر الحق والخير، ولما كان الأمر هكذا فإن الله عز وجل قد بين في غير ما سورة من سور القرآن حال المبطلين للحذر منهم والتنفير عنهم.


قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة:۳٤]. وقال: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ۱۷۵-۱۷٦].


وقال سبحانه وتعالى في قصة موسى: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ [القصص:۱۸] .


وقال الله تعالى مخبرًا عن قول يوسف لأخوته: ﴿أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾[يوسف:۷۷].


وقال تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [المسد:۱-۵].


وقال تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾[القلم: ۱۰-۱۳].


وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات:٦] .


إلى غير ذلك من الأدلة القرآنية الربانية المحذرة من طريقة المبطلين وسبيل المجرمين، حتى قال ربنا عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾[الأنعام:۵۵].


والناظر في كثير من سور القرآن كالمائدة والتوبة والنساء والمنافقون وغيرها من السور: يجد أن الله عز وجل قد جرح الكافرين والمنافقين جرحًا مفسرًا لا يخفى شأنهم على المستبصرين، ولا يغتر بهم بعد ذلك إلا كل غوي مبين.


وأما من السنة المطهرة:


فقد أخرج البخاري (۳٦۱۰)، ومسلم (۱۰٦٤) واللفظ للبخاري، قال: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي نَعَتَهُ.

ففي هذا الحديث جرح شديد لقوم من المسلمين يخرجون في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكن البدعة استهوتهم، فاستحقوا هذا التحذير المبين، وهذا من غاية النصح والتبيين حتى لا ينخدع بهم عوام المسلمين.


وفي حديث علي عند مسلم: عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .


وقال في الخوارج: كلاب النار، كما في حديث أبي أمامة رضي الله عنه عند أحمد (۵/۲۵۳): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا غَالِبٍ يَقُولُ: لَمَّا أُتِيَ بِرُءُوسِ الْأزَارِقَةِ فَنُصِبَتْ عَلَى دَرَجِ دِمَشْقَ جَاءَ أَبُو أُمَامَةَ فَلَمَّا رَآهُمْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: كِلَابُ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَؤُلَاءِ شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ وَخَيْرُ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُلَاءِ قَالَ: فَقُلْتُ فَمَا شَأْنُكَ دَمَعَتْ عَيْنَاكَ قَالَ رَحْمَةً لَهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَالَ قُلْنَا أَبِرَأْيِكَ قُلْتَ هَؤُلَاءِ كِلَابُ النَّارِ أَوْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ إِنِّي لَجَرِيءٌ بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا ثِنْتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ قَالَ فَعَدَّ مِرَارًا.


وجاء من حديث عدي بن حاتم عند الإمام مسلم (۸۷۰): أن رجلًا خطب عند النبي ﷺ فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله ﷺ: «بئس خطيب القوم أنت«، قل: ومن يعص الله ورسوله«.


وأخرج (۲۱۹۵) من حديث جابر أن عبدًا لحاطب قال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال ﷺ: «كذبت لا يدخلها، فإنه شهد بدرًا والحديبية«.


وحديث أبي هريرة عند البخاري: وفيه قوله في الشيطان: «صدقك وهو كذوب«.


وحديث جابر بن سمرة عند مسلم: «إن بين يدي الساعة كذابين«.


وعن المعرور بن سويد قال: عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ. متفق عليه.


وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رجل على النبي ﷺ، فقال: عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ« وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ ﷺ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ. والحديث رواه البخاري.


وعن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله: عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي وَوَلَدِي مَا يَكْفِينَا إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ«. الحديث متفق عليه.


وفي حديث جابر عند البخاري ومسلم وفيه: عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ يَأْتِي فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فَصَلَّى لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَانْحَرَفَ رَجُلٌ

فَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ فَقَالُوا لَهُ أَنَافَقْتَ يَا فُلَانُ قَالَ لَا

وَاللهِ وَلَآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَلَأُخْبِرَنَّهُ فَأَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِالنَّهَارِ وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَكَ الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ اقْرَأْ بِكَذَا وَاقْرَأْ بِكَذَا قَالَ سُفْيَانُ فَقُلْتُ لِعَمْرٍو إِنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ اقْرَأْ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فَقَالَ عَمْرٌو نَحْوَ هَذَا.


إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على جواز جرح المخطأ حتى يُحذر مما عنده من الخطأ ويحذر الناس من المتابعة له على باطله، ومن أراد التزود من ذلك فليراجع كتاب «المخرج من الفتنة« للشيخ مقبل رحمه الله، وكتاب «صعقة الزلزال في نسف أهل الرفض والاعتزال«، ونشر الصحيفة في الصحيح من أقوال أهل العلم في أبي حنيفة«، فإنه قد جمع خيرًا رحمه الله، ورفع درجته في المهديين، وهو من مجددي هذه السنة العظيمة كما بينت ذلك في كتاب: «البيان الحسن في ترجمة الإمام الوادعي وما أحياه من السنن« ولله الحمد والمنة، ولشيخنا يحيى الحجوري حفظه الله تعالى كلام نفيس حول الجرح والتعديل في مقدمة كتابه: «الطبقات لما حصل بعد موت شيخنا الوادعي رحمه الله تعالى في الدعوة السلفية باليمن من الحالات«.


شبهة والرد عليها:


كثير من أهل البدع ومن جهال المسلمين يعتبرون الجرح من الغيبة، وهذه شبهة قديمة لا جديدة، فقد قال بكر بن حماد كما في «جامع بيان العلم وفضله« (۱۹۳۹):


لقد جفت الأقلام بالخلق كلهم

فمنهم شقي خائب وسعيد

**

تمر الليالي بالنفوس سريعة

ويبدئ ربي خلقه ويعيد

**

أرى الخير في الدنيا يقل كثيره

وينقص نقصًا والحديث يزيد

**

فلو كان خيرًا قل كالخير كله

وأحسب أن الخير منه بعيد

**

ولأبن معين في الرجال مقالة

سيسئل عنها والمليك شهيد

**

فإن يك حقًا قوله فهو غيبة

وإن يك زورًا فالقصاص شديد

**

وكل شياطين الحديث ضعيفة

وشيطان أصحاب الحديث مريد


قال أبو عمر رحمه الله: قد رد هذا القول على بكر بن حماد جماعة نظمًا، فمن ذلك ما أخبرني غير واحد عن مسلمة بن القاسم قال ذاكرت أبا الأصابع عبد السلام بن يزيد بن غياث الأشبيلي رفيقي أبيات بكر بن حماد هذه ونحن في المسجد الحرام وسألته الرد عليه فعارضه بشعر أوله :


تبارك من لا يعلم الغيب غيره

 ومن بطشه بالمعتدين شديد 

وفيه تعرضت يا بكر بن حماد  خطة

 بامثالها في الناس شاب وليد

تقول بأن الخير قل كثيره

 وأخبرتنا أن الحديث يزيد

وصيرته إذ زاد شرا وقام في

 ضميرك أن الخير منه بعيد 

فلم تأت فيه الحق إذ قلت فيه

بالعموم وأنت المرء كنت تحيد

وما زال ذا قسمين حقا وباطلا

 فهذا خلاخيل وذاك قيود

وذا ذهب محض وذلك آنك 

ذا ورق صاف وذاك حديد

وهذا أمير في الأنام معظم وذاك

 طريد في البلاد شريد

فذمك هذا في المقال مذمم

وذمك هذا في الفعال حميد

وألزمت هذا ذنب ذا كمعاقب

ظباء يذنب قارفته أسود

وهل ضرأ حرارا كراما أعزة

 إذا جوزتهم في الندى عبيد

ولولا الحديث المحتوى سنن الهدى

لقامت على رأس الضلال بنود

وقول رسول الله يعرف حده

فليس له عند الرواة مزيد

وما كان من إفك وزور فإنه

كعدة رمل تحتويه زرود


وليس له حد وفي كل ساعة

 يزيد جديدا يقتفيه جديد

ولابن معين في الذي قال أسوة

ورأي مصيب للصواب سديد

وأجر به يعلى الآله محله

وينزله في الخلد حيث يريد

يناضل عن قول النبي ويطرد

الأباطيل عن أحواضه ويزود

وجلة أهل العلم قالوا بقوله: وما هو في شيء أتاه فريد:

وليس الصدق منك سجية

وشيطان أصحاب الحديث مريد

وما الناس إلا اثنان بر وفاجر

 فقولك عن سبل الصواب حيود

وكل حديثي تأزر بالتقى

 فذاك امرؤ عند ألآله سعيد

ولو لم يقم أهل الحديث بديننا

 فمن كان يروي علمه ويفيد

هم ورثوا علم النبوة واحتووا

 من الفضل ما عنه الأنام رقود

وهم كمصابيح الدجى يهتدي بهم

 وما لهم بعد الممات خمود

عليك ابن غياث لزوم سبيلهم

 فحالهم عند ألآله حميد

وقال أبو علي بن ملولة القيرواني يعارض بكر بن حماد:

ولابن معين في الرجال مقالة

 تقدمه فيها شريك ومالك

فإن يك ما قاله سهلا وواسعا

 فقد سهلت لابن المعين المسالك

وإن يك زورا منهم أو نميمة

 فما منهم في القول إلا مشارك

وأنشدني أحمد بن عصفور رحمه الله لنفسه يعارض بكر بن حماد:

أجل أن حكم الله في الخلف سابق

 وما لا مريء عما يحم محيد

هو الرب لا تخفى عليه خفية

 عليم بما تخفى الصدور شهيد

جرت بقضاياه المقادير في الورى

فمقترب من خيرها وبعيد

أيا قادح في العلم زند عمائه رويجا

 بما تبدي به وتعيد

جعلت شياطين الحديث مريدة

 ألا أن شيطان الضلال مريد

وجرحت بالتكذيب من كان صادقا

 فقولك مردود وأنت عنيد

ذوو العلم في الدنيا نجوم هداية

 إذا غار نجم لاح بعد جديد

بهم عز دين الله طرا

 وهم له معاقل من أعدائه وجنود

وقال الترمذي في كتاب العلل من جامعه: وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال، وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين قد تكلموا في الرجال منهم الحسن البصري وطاووس تكلما في معبد الجهني وتكلم سعيد بن جبير في طلق بن حبيب وتكلم إبراهيم النخعي وعامر الشعبي في الحارث الأعور وهكذا روي عن أيوب السختياني وعبد الله بن عون وسليمان التيمي وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وعبد الله بن المبارك ويحيى بن سعيد القطان ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أهل العلم أنهم تكلموا في الرجال وضعفوا وإنما حملهم على ذلك عندنا والله أعلم النصيحة للمسلمين لا ظن بهم أنهم أرادوا الطعن على الناس أو الغيبة إنما أرادوا عندنا أن يبينوا ضعف هؤلاء لكي يعرفوا لأن بعضهم من الذين ضعفوا كان صاحب بدعة.


قال ابن الأثير في «جامع الأصول« (۱/۱۳۰-۱۳۱): قد عاب من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال؛ لأنهم لم يقفوا على الغرض من ذلك، ولا أدركوا المقصد فيه، وإنما حمل أهل الحديث على الكلام في الرجال وتعديل من عدلوا وتجريح من جرحوا الاحتياط في أمور الدين وحراسة قانونه، وتمييز مواقع الغلط والخطأ في هذا الأصل العظيم الذي عليه مبنى الإسلام، وأساس الشريعة، ولا يظن بهم أنهم أرادوا الطعن في الناس والغيبة والوقيعة فيهم، ولكنهم بينوا ضعف من ضعفوه لكي يعرف فيجتنب الرواية عنه، والأخذ بحديثه تورعًا وحسبة وتثبتًا في أمر الدين، فإن الشهادة في الدين أحق وأولى أن يتثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال، فلهذا افترضوا على أنفسهم الكلام في ذلك وتبيين أحوال الناس، وهو من الأمور المتعينة العائدة بالنفع العظيم في أصول الدين.


وقال الحافظ في «اللسان« (۱/۳-٤): ثم إن من بعد الصحابة تلقوا ذلك منهم وبذلوا أنفسهم في حفظه وتبليغه، وكذلك من بعدهم، إلا أنه دخل فيمن بعد الصحابة في كل عصر قوم ممن ليست لهم أهلية ذلك إما لبدعة، أو كذب، أو سوء حفظ وتبليغه، فأخطأوا فيما تحملوا، ونقلوا ومنهم من تعمد ذلك، فدخلت الآفة فيه من هذا الوجه.


فأقام الله طائفة كثيرة من هذه الأمة للذب عن سنة نبيه ﷺ، فتكلموا في الرواية على قصد النصيحة، ولم يعد ذلك من الغيبة المذمومة، بل كان ذلك واجبًا عليهم وجوب كفاية.


وقال النووي في «رياض الصالحين« (باب ما يباح من الغيبة) (۲۵٦): اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستة أسباب الأول التظلم فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه فيقول ظلمني فلان بكذا الثاني الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب فيقول لمن يرجوا قدرته على إزالة المنكر فلان يعمل كذا فازجره عنه ونحو ذلك ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر فإن لم يقصد ذلك كان حراما الثالث الاستفتاء فيقول للمفتي ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا فهل له ذلك وما طريقي في الخلاص منه وتحصيل حقي ودفع الظلم ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة ولكن الأحوط والأفضل أن يقول ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين ومع ذلك فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث هند إن شاء الله تعالى الرابع تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم وذلك من وجوه منها جرح المجروحين من الرواة والشهود وذلك جائز بإجماع المسلمين بل واجب للحاجة ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته أو إيداعه أو معاملته أو غير ذلك أو محاورته ويجب على المشاور أن لا يخفي حاله بل يذكر المساويء التي فيه بنية النصيحة ومنها إذا رأى متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك فعليه نصيحته ببيان حاله بشرط أن يقصد النصيحة وهذا مما يغلط فيه وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد ويلبس الشيطان عليه ذلك ويخيل إليه أنه نصيحة فليتفطن لذلك ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها إما بألا يكون صالحا لها وإما بأن يكون فاسقا أو مغفلا ونحو ذلك فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيله ويولي من يصلح أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله ولا يغتر به وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به الخامس أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر ومصادرة الناس وأخذ المكس وجباية الأموال ظلما وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه السادس التعريف فإذا كان الإنسان معروفا بلقب كالأعمش والأعرج

والأصم والأعمى والأحول وغيرهم جاز تعريفهم بذلك ويحرم إطلاقه على جهة التنقيص ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان أولى فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه.


وقال الحافظ الذهبي في «الميزان« (۳/۳۷۳): قال عاصم الأحول: جلست إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد، فوقع فيه، فقلت العلماء يقع بعضهم في بعض، فقال: يا أحول: ألا تدري أن الرجل إذا ابتدع ينبغي أن يذكر حتى يُحذر.


وذكر ابن المبارك رجلًا كما في «شرح العلل« لابن رجب (۷۷) فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن تغتاب، فقال: اسكت إذا لم نبين كيف يعرف الحق من الباطل، وقال ابن عليه في الجرح: إن هذه أمانة ليست بغيبة.


وذكر الخطيب في «الكفاية« (٤٦) عن محمد بن بندار السبكي قال: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله إنه ليشتد علي أن أقول فلان كذاب، فلان ضعيف، فقال لي: إذا سكتَ أنت وسكتُ أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟


ورحم الله محمد بن سيرين إذ يقول كما في مقدمة مسلم: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم.


فيجب على الداعية السلفي أن يبين حال المبطلين حتى يعُرف أهل الباطل فيبتعد عنهم، ويفر منهم، وكان هذا الإمام هو أول من فتش في علم الإسناد كما في «شرح علل بن رجب« (۱/۵۲).


وقال الذهبي: أول من ذكر وجرحَّ عند انقراض عصر الصحابة الشعبي وابن سيرين ونحوهما، وحفظ عنهم توثيق أناس وتضعيف آخرين، فلما كان عند انقراض عامة التابعين في حدود الخمسين ومئة تكلم طائفة من الجهابذة في التوثيق والتضعيف، كالأعمش وشعبة بن الحجاج ومالك بن أنس. اهـ من علم الرجال نشاته وتطوره (۲۷).


وابن عباس رضي الله عنه قبل هؤلاء حين بدأت تظهر قرون البدع ومن ينتحل العلم وليس من أهله جرح من هذا حاله وحذر من مجالسته وسماع حديثه.


فقد قال كما في «مقدمة مسلم«: إنا كنا نحدث عن رسول الله ﷺ إذ لم يكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه.


وفي رواية: لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.


وصار على سير الصحابة أئمة التابعين، فقد قال الحسن عن معبد الجهيني: إياكم ومعبد فإنه ضال مضل.


وكذب الشعبي جابرًا الجعفي.


وغير ذلك من أراد أن يقف على قطف من كلام أهل العلم فليرجع إلى مقدمة «الكامل« لابن عدي ومقدمة «المجروحين« لابن حبان، ومقدمة «لسان الميزان«، وكتاب «الميزان« وغيرها من الكتب.


وأحب أن أختم هذه الوسيلة العظيمة التي تنصر بها الدعوة السلفية وتخذل بها دعوات الباطل بقصيدة أبي الطاهر السلفي.


قال الإمام الذهبي في «سير إعلام النبلاء« (۲۱/۲۹): أنبأني أحمد بن سلامة عن الحافظ عبد الغني بن سرور: أنشدنا أبو طاهر السلفي لنفسه في رجب سنة ست وستين وخمسمائة:

دعوني من أسانيد الضلال

وهاتوا من أسانيد العوالي

رخاص ثم أهل الجهل طرًا

وعند العارفين بها غوالي

عن أشياخ الحديث وما رواه

إمام في العلوم على الكمال

كمالك أو كمعمر المزكى

 وشعبة أو كسفيان الهلالي

وسفيان العراق وليث مصر

فقدما كان معدوم المثال

والأوزاعي فهو له بشرع ال

نبي المصطفى أوفى اتصال

ومسعر الذي في كل علم

يشار كذا إليه كالهلال

وزائدة وزد أيضا جريرا

فكل منهما رجل النضال

وكابن المبارك أو كابن وهب

وكالقطان ذي شرف وحال

وحماد وحماد جميعا

وكابن الدستوائي الجمال

وبعدهم وكيع وابن مهدي

المهدي في كل الخلال

ومكي ووهب والحميدي

عبد الله ليث ذي صيال

وضحاك عقيب يزيد أعني

ابن هارون المحقق في الخصال

كذاك طيالسيا البصرة اذكر

فما روياه من أثر لآلي

وعفان نعم وأبو نعيم

حميدا الحال مرضيا الفعال

ويحيى شيخ نيسابور ثم ال

إمام الشافعي المقتدى لي

كذاكم بن خالد المكني

أبا ثور وكان حوى المعالي

وأيضا فالصدوق أبو عبيد

فأعلام من أرباب المقال

كيحيى وابن حنبل المعلى

 بمعرفة المتون وبالرجال

وإسحاق التقي وفتى نجيح

وعبد الله ذي مدح طوال

إلى آخر لقصيدة.

ــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ

الوسائل الجلية لنصرة الدعوة السلفية

عن الكاتب

أتباع السلف الصالح

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

أتباع السلف الصالح

2025