أتباع السلف الصالح

وستكون مواضيعنا إن شاء الله مُستقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله على وسلم , ونهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.

random

آخر الأخبار

random
recent
جاري التحميل ...

 

((التأصيل والبيان فيما ينسب للعلماء زورا بإخراج زكاة الفطر مالا))

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد:

هذا توضيح وبيان على من يحتج بإخراج زكاة الفطر نقدا كل عام، تاركا السنة، مستندا إلى ما يسب زورا إلى أهل العلم والفضل 

بالباطل، ولا يستند إلى ذلك إلا من عجز عن الدليل، حتي أخذته الأنفة لعدم قبول السنة فيها، وتعلق متوهما بقول من يجيز إخراج زكاة الفطر قيمة نقدا من المال !!، والله المستعان.

 فسنقف ونوضح باذن الله تعالي في هذه المسالة من كلام أهل العلم الذي يتعلق به أرباب الأهواء كادلة شرعية في المسالة !! ، مع وضوح السنة الصحيحة الصريحة في ذلك الأمر  !!!

 وسنقف باذن الله تعالي  على كل قول ونبين صحة ما فيه ليتضح البيان ويزول الاشكال ، ويظهر الليل من النهار : { لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ }  [ الأنفال: 42 ] 

قال الله تعالى { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ  } [التوبة : 115]


واليك بيان الشبهات التي يستند إليها ويتعلق بها من يقول بالقيمة نقدا في زكاة الفطر كل عام !!! :

ويستندون في هذه المسالة الي كلام الفضلاء الاجلاء كل من :

 ▪عمر بن عبد العزيز رحمه الله

▪والحسن البصري رحمه الله

▪ عطاء بن أبي رباح رحمه الله 

▪والامام البخاري رحمه الله

▪والإمام أحمد رحمه الله 

▪وأن الصحابة رضي الله عنهم .

▪وأن معاذ بن جبل رضي الله عنه .

▪وان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

▪وأن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

فالكل قالوا وامروا باخراجها نقدا !!!! .

نقول إليك بيان وتفنيد تلك الأقوال وصحة نسبتها لأصحابها ، وبيان المراد ممن صح قوله .

▪الشبهة الأولى : يحتج بعض الناس على خراج زكاة الفطر نقدا ، بفعل عمر بن عبد العزيز رحمه الله .

✍ اقول : وبالله التوفيق أن الأثر الوارد عن عمر بن عبد العزيز قد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم (10369)، قال: ( حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ قُرَّةَ، قَالَ: (جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ : نِصْفُ صَاعٍ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ ، أَوْ قِيمَتُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ .)

هذا هو أثر عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، فانه كتب إلى ولاته في الأمصار أن يجمعوا الصدقة ، و أمر أن يعطي الناسُ عمّاله المسؤولين عن جباية الزكاة ( نصف صاع ، أو نصف درهم ) وكان هؤلاء العُمّّال مهمتهم جباية الزكاة من الناس ، وتوزيعها بعد ذلك على الفقراء ، يعني هؤلاء وكلاء عن المتصدق للفقير .

فكان يجمعون زكاة الفطر من الناس ، فمن عنده طعام اخذوها منه ( نصف صاع عن كل اناس ) ، ومن ليس عنده طعام اخذوها منه قيمة مالا ( نصف درهم ) ثم اشتروا بها طعاما ثم وزعوها على الفقراء ، ولكن للاسف البعض فهم من الأثر أن عمر بن عبد العزيز انه كان يجمعها مالا ثم يوزعها مالا للفقير ، وهذا الظن ليس صحيحا ، بل الصحيح انه كان يجعل عماله الوكلاء عن الناس في جمع زكاة الفطر يجمعون الطعام ، والمال ثم يشترون بالمال طعاما للفقراء .

 فيكونون وكلاء عن المتصدقين بشراء الطعام ، وهذه الصورة لا خلاف في جوازها .

وصورتها المعاصرة ، أن يعطي الشخص مالًا لشخص ويقول له: اشتر به صاعًا من طعام ، واعطه لفقير نيابة عني ، فكانك تصدق على الفقير بطعام ووافق السنّة. 

وهذا الظن الحسن من فعل عمر بن عبد العزيز ، وعدم مخالفة سنة النبي ﷺ . 

فقد قال عمر بن عبد العزيز (  إنه لا رأي لأحد مع سنة رسول الله ﷺ ) [ إعلام الموقعين (2 /282) ]

وسيما انه كان في عصر عمر بن عبد العزيز ثلاثة آلاف صحابي ولم ينكر عليه أحد . 

الصحابة إقرار منهم على ذلك لأنه موافق لسنة النبي ﷺ .

▪الشبهة الثانية :

 يستندون بأن الحسن البصري رحمه الله قال باخراجها نقودا  .

✍ اقول : على أثر عمر بن عبدالعزيز جاء قول التابعي الجليل الحسن البصري الذي صحّ عنه عند ابن أبي شيبة في [ المصنف  (10370) ] 

 قال ابن أبي شيبة : ( حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ : ( لاَ بَأْسَ أَنْ تُعْطَى الدَّرَاهِمُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ ).

وكما كان الظن الحسن في فعل عمر بن عبد العزيز ، يكون أيضا في الحسن البصري رحمهم الله ، أنه أفتى بجواز إعطائها للجُباة ( اي الوكلاء ) نقودًا ، والجباة بدورهم سيشترون بها طعاما للفقراء . 

وأما من يري غير ذلك في قول عمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري ، فعليه أن يأتينا بالقول الصريح الصحيح : بانهم امروا باعطاء الفقير المال بدلا من الطعام ، وليس الوكلاء !!.

ولو اعتبرنا جدلا نهم قالول باعطاء ها للفقير مالا ، هل ترد سنة رسول الله لقول أحد التابعين !!!! 

مُنذ متى كان قول التّابعي حُجّة ؟! وعلى مذهب مَن ؟!

لا يوجد عالم واحدٍ عدّ كلام التابعي دليلًا شرعيّ !!! .

👈 والسؤال هنا لمن جعل قول التابعي غير المجمع عليه دليلًا وحجّة : لماذا لم يجعل قول التابعين الذين قالوا بمنع إخراجها نقودا حجّة ؟!! . لماذا تكيل بمكيالين !!!

وهذا قول تابعي أن كان على ما تريد ، فما ظنك انه على  غير ما ترد !!  .

▪الشبهة الثالثة : 

يقولون ان عطاء بن أبي رباح أجاز إخراجها نقودا .

✍ اقول : هذا ليس صحيحا ، بل العكس صحيح انه كره إخراجها نقودا كما ذكر ذلك عنه ابن أبي شيبة في المصنف ( 10361 ) قال ( حدثنا ابو بكر ، عن عمر ، عن جريج ، عن عطاء : أنه كره أن يعطي في صدقة الفطر ورقا )

مع العلم أن السلف يطلقون الكراهة ويريدون بذلك التحريم . 

▪الشبهة الرابعة : 

قالوا ان الإمام البخاري قال باخراجها نقودا .

✍ اقول : ان هذا القول مفترى ليس صحيحا ، نسبوه  للإمام البخاري زورا وبهتانا !! 

ووجه حجتهم انهم استدلوا بقول البخاري في صحيحه ( باب العَرْض في الزكاة ) وأورد بعهده أثرًا معلقًا لمعاذٍ بن جبل رضي الله عنه .

ومن الواضح أن هذا لم يقله في زكاة الفطر وإنما عن زكاة البهائم ، لأن الحديث الذي أورده بعده هو ( وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ ) [1448] 

وهكذا قال صاحب منار القاري ( ولهذا قال البخاري: باب العرض في الزكاة ، أي استبدال زكاة الماشية بغيرها من العروض )  (3 / 30 )

ومن نظر الى كبار الشراح على شروحاتهم كالكرماني ، والقسطلان ، وابن حجر ، وابن بطال ، وكذلك العيني –وهو حنفي المذهب- ، لم يجد أحدًا منهم قال أن قصده البخاري  كان زكاة الفطر ، أو أن زكاة الفطر تدخل في كلامه !!!!! ، 

كما قال ذلك عليه زورا وبهتانا المحرفون لكلامه !!!!! .

والغريب ان البخاري تكلم عن زكاة الفطر في باب [ صدقة الفطر ]  بعد ست وثلاثين بابًا ، مما نسبه له ، ولم يكتب شيئًا عن إخراجها نقودًا،  وإنما أشار إلى انها طعام في ابواب فقال ؛

( بَابٌ : صَدَقَةُ الفِطْرِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ ) .

و( صَدَقَةُ الفِطْرِ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ ) .

 و ( بَابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ) .

و ( بَابُ صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ ) ولم يبوّب بشيء يخص النقود أو العروض فيها ، فكيف يدعون أن البخاري قال القيمة نقدا !!!! .

وعندما نرى ذلك الافتراء أقف مندهشًا أمام كمّيّة التدليس المستفِز، والغريب في هذه القضيّة !!!! .

▪الشبهة الخامسة :

 يحتج البعض بأن القيمة نقدا جائزة ، لأن  الفتوى تتغير بتغير كل زمان وحسب الأحوال  .

✍ اقول : نعم صحيح أن هناك من الفتوى ما تتغير باختلاف الأحوال ، ولكن هناك خلط في هذه المسألة يقع فيها كثير من الناس ، فينبغي بتوضيحه :

جاء في درر الحكام  ( إن الأحكام التي تتغير بتغير الأزمان هي الأحكام المستندة على العرف والعادة ، لأنه بتغير الأزمان تتغير احتياجات الناس ، وبناءً على هذا التغير يتبدل أيضًا العرف والعادة، وبتغير العرف والعادة تتغير الأحكام ) [درر الحكام ( 1/ 47) ] 

وقال ابن القيم رحمه الله  بعد أن ذكر أن الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان والعوائد والأحوال، فقال : 

( هذا فصل عظيم النفع جدًّا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيمٌ على الشريعة، أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه - ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به، فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد،  وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها )  [ إعلام الموقعين ( 3 / 14 ) ]

وعلى ذلك فينبغي معرفة الآتي : 

أ- التغير في الفتوى لا في الحكم الشرعي الثابت بدليله .

ب‌- التغير سببه اختلاف الزمان والمكان والعادات من بلد لآخر .

ولولا الاطالة لذكرت لكم أمثلة من المسألة التى يصح علبها تغيير الفتوى مع تغير الزمان  .

 والشاهد : أن الحكم اصله ثابت وهو إخراج الزكاة صاعًا من الطعام ، وهذا لا يجري عليه حكم الفتوى التي تتغير بتغير الزمان والأحوال .

وأما صنف الطعام فهذا يجري عليه الفتوى التى تتغير الزمان و حسب أحوال كل بلد و لقوله ﷺ ( طعمة للمساكين ) فتغير الصنف مع بقاء صفته انه طعاما : جائز .

أما في تغير أصل الصفة من : طعام الي القيمة مالا ، فلا يصح لأنه ثابة بالنص أنه : طعام .

قال ابنُ قُدامةَ رحمه الله ( ولا تُجْزئُ القيمةُ ؛ لأنَّه عُدولٌ عن المَنصوصِ). [ الكافي ]

▪الشبهة السادسة : 

يقولون ان الإمام أحمد اجاز القيمة نقودا .

✍ اقول : بل العكس هو الصحيح انه لم يجيز ذلك : 

قال الإمام أحمد ( أخاف ألا يجزئه ، خلاف سنة رسول الله  ﷺ . )

وهذا مذهب مالك والشافعي، وقال  ابن حزم رحمه الله: ( لا تجزئ قيمة أصلًا ؛ لأن ذلك غير ما فرض رسول الله  ﷺ )


فما أحسَنَ جوابَ الإمامِ أحمدَ عنه ، 

كما رَوى أبو طالبٍ (  قال لي أحمدُ: لا يُعطى قِيمتُه ، قيل له : قومٌ يَقولون : عُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ كان يأخُذُ بالقِيمةِ ، قال : يَدَعونَ قولَ رسولِ الله  ﷺ . ويَقولون : قال فُلانٌ ! قال ابنُ عُمرَ: فرَضَ رسولُ الله  ﷺ - يُشيرُ إلى الحديثِ - وقال اللهُ تعالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور: 54].) [ المغْني لابن قدامة ] 

▪الشبهة السابعة : 

أن بعض الصحابة قال باخراجها قيمة نقدا .

✍ اقول : لم يثبت عن أحد من الصحابة انه قال باخراج القيمة نقدا ، ومن ادعي فعليه الاثبات .

بل هذا ادعاء مُخالِفٌ للإجماعِ العمَليِّ للصَّحابةِ رضيَ الله عنهم ، الذي حكاه أبو سعيدٍ رضيَ الله عنه فِقال ( كُنَّا نُخرِجُ في عهدِ رسولِ الله ﷺ يَومَ الفِطرِ صاعًا من طَعامٍ )

ولم يَثبُتْ عن أحدٍ مِنَ الصَّحابةِ قطُّ خِلافُ ذلك .

وقد قال اهل العلم ( وقد كان المذهبُ الرَّسميُّ للدَّولةِ في عهدِ الصَّحابةِ في خِلافةِ أبي بكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعليٍّ رضيَ الله عنهم: إخراجَ الصدَقةِ طعامًا، ونَهْجُهُم أسَدُّ، واتِّباعُهم أَوْلى؛ فكيف وهذا هدْيُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ الذي لا يجوزُ تقديمُ رأيٍ عليه ؟ )

وهنا مسألة : إذا صح جدلا عن أحد من الصحابة قال بالقيمة ، مع وجود من يخالفه ،فضلا عن أن يكون نصا فهل يكون ذلك حجة !!  ، بالطبع لا .

فلا يكون قوله حجة ، فالقاعدة الفقهية ( أن قول الصحابي إنما يكون حجّة في حال عدم المخالَفة ) ، فإن الصحابي إذا خالَفَه غيره من الصحابة لزِم الترجيح بين أقوالهم من خلال مُرجِّحات خارجية بسطها أهل العلم في مواضعها ، كما أن قول الصحابي حُجّة إذا لم يُخالِف النصّ .

والسُّنَّة هي المصدر الثاني للأدلّة، بِلا خِلاف. 

وقول الصحابي من الأدلّة المختَلَف فيها. 

فإذا عُورِض الحديث الصحيح بِقول الصحابي كان هذا مُعارَضَة للدليل الذي لم يُختَلَف فيه بالذي اختُلِف فيه في قول الصحابي!!

 قال ابن القيم (ولا يُتْرَك الحديث الصحيح المعصوم لمخالَفَة رواية له، فإن مخالفته ليست معصومة) اهـ. 

فلا يُعارَض قول النبيﷺ بِقول غيره من البشر كائنا من كان، ولو كان قول أبي بكر وعمر وقد أُمِرنا بالاقتداء بهما، ولذا لما قال ابن عباس رضي الله عنهما تمتع النبي ﷺ -أي في الحج- فقال عروة بن الزبير: نـهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس: ما يقول عُريّة؟! قال: يقول (نـهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما " يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ! أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُونَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟) [الفتاوى" (20/ 215)]

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يُنكِرون مُعارَضة النص بأقوالهم، بل ولو كانت بأقوال آبائهم وإن كانت لهم أقدام صِدق في الإسلام .

فهذا ابن عمر يَترك قول أبيه لقول رسول الله ﷺ ، في مسألة 

( متعة الحج ) مع ان ابن عمر رضي الله عنهما كان يبر أبيه رضي الله عنهما ، ولكن الأمر دين فقدم سنة رسول الله  .

فقد ( سئل عبد الله بن عمر عن متعة الحج ، فأمَر بها ،

 فقيل له : إن أباك نَهَى عنها !  .

فقال : إن أبي لم يُرِد ما تقولون .

فلما أكثروا عليه ، قال: أفَرسول الله ﷺ أحق أن تتبعوا سنته أم سنة عمر ! ،إن عمر لم يقل لكم إن العمرة في أشهر الحج حرام ولكنه قال إن أتم العمرة أن تفردوها من أشهر الحج.

عُمر ؟! ) [ رواه أحمد في مسنده ( 5442 ) ]

وأخيرًا اقول : إنَّ الذي شرَعَ هذه العِبادةَ العَظيمةَ هو الحَكيمُ الخَبير سُبحانَه ، وهو العَليمُ بحالِ عِبادِه، وبالأصلَحِ لهم .

▪الشبهة الثامنة  : 

يستندون بأن معاذ بن جبل رضي الله عنه اخذ القيمة في زكاة ، فيستندون إلي ذلك قياسا لإخراج القيمة في زكاة الفطر !!! . 

✍ اقول  وبالله التوفيق  :

هذا ليس صحيحا ، لأن هذا الحديث مرسل لا يصح اصلا ، ونصه جاء كالآتي :

قال ( طاوس : قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن : ائتوني بِعَرْض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي ﷺ بالمدينة . ) 

[ السنن الكبرى للبيهقي  (  4 / 113 ) ]  

و قد ذكر البخاري رحمه الله هذا الأثر معلقا .

 وقد بين أهل العلم أن هذا الأثر مرسل، لأن فيه طاووس بن كيسان اليماني، وهو من أئمة وفقهاء التابعين، ثقة، ولكنه لم يدرك الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه ولم يسمع منه، لأن الصحابي معاذ توفي عام ( 18 ) من الهجرة ، وطاووس ولد عام ( 36 ) ، و توفي عام ( 106 ) من الهجرة .

فبينهما من المدة الزمنية أكثر من خمسة عشر عاما، ما بين وفاة معاذ بن جبل رضي الله عنه ، ومولد طاووس كيسان !!!! .

وأما شيوخ طاووس الذين سمع منهم هم :

زيد بن ثابتٍ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وزيد بن أرقم، وابن عباسٍ رضي الله عنهم .

وروى أيضًا عن : جابر بن عبدالله ، وسراقة بن مالكٍ ، وصفوان بن أمية، وابن عمر، وعبدالله بن عمرٍو، وطائفةٍ [سير الأعلام للذهبي ( 5 / 39) ]

وقد وثق طاووس، يحيي بن معين، وأبو زرعة، ولكنه لم يسمع من معاذ بن جبل رضي الله عنه.

قال علي ابن المديني لم يسمع طاووس من معاذ بن جبل شيئاً، وقال أبو زرعة الرازي وطاووس عن معاذ مرسل. [المراسيل لابن أبي حاتم (ص99-100)]

 وقال الدارقطني طاووس لم يدرك معاذاً.

وقد حكم الدارقطني علي الحديث بأنه مرسل كما في [ سننه برقم ( 1930 ) ]

وبذلك يتضح أن حديث طووس بن كيسان منقطع الإسناد لمعاذ ، وإنما سمع هذا الكلام من رجل مجهول ، واما نسبة ذلك الي معاذ بن جبل رضي الله عنه ليست صحيحة ، كما قرر ذلك أهل الحديث والأثر :

▪قال العيني ( وقال الإسماعيلي : حديث طاووس لو كان صحيحا لوجب ذكره لينتهي إليه وإن كان مرسلا فلا حجة فيه ) [ عمدة القارى شرح صحيح البخاري للعيني ( 9 / 4 ) ]

▪وقال القسطلاني ( وهذا التعليق وإن كان صحيحًا إلى طاوس لكن طاوس لم يسمع من معاذ فهو منقطع ) [ارشاد الساري لشرح صحيح البخاري( 3 / 41 ) ].

فهذا الأثر : منقطع مرسل ضعيف لا يصح الاستناد ولا الاستدلال إليه .  

▪الشبهة التاسعة :

 يستندون قياسا بأن معاوية رضي الله عنه 

قال ( بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر )  

وذلك حين أمر ( بجواز إخراج نصف صاع من قمح الشام عوضا عن صاعا من التمر ) .

✍ اقول  وبالله التوفيق :

 اين الدليل في ذلك يا عباد الله بأن معاوية رضي الله عنه قال ( بجواز إخراج نصف صاع من قمح الشام عوضا عن صاعا من التمر ) 

فما دخل ذلك في القيمة هنا ، بأن تكون  مالا بدلا من الطعام في صدقة الفطر ؟!!

فهذا الفهم سقيم جدا بأن : صاع القمح بدلا من التمر  ، يصير هنا نقودا !!!

فهذا الفهم ليس صحيحا ، والقياس فاسد لا يعتد به ، لأن الصحابي معاوية استبدل طعام بطعام ، من جنس الطعام نفسه : نصف صاع من القمح بدلا من صاع من التمر !!!.

فالقمح من الطعام ، والتمر من الطعام  وكلاهما جائز في اخراج زكاة الفطر ، فاين الدليل في هذا الاثر على القيمة من جنس غير الطعام  !!!!

الله المستعان !!!!

وقد عارض ابو سعيد الخدري رضي الله عنه قول معاوية رضي الله عنه هذا حين  قال ( أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله ﷺ فقيل له ( أو مدين من القمح ، فقال : لا تلك قيمة معاوية ، لا اقبلها ولا اعمل بها ) 

فانظر وتامل إلى حرص ابي سعيد الخدري رضي الله عنه في تمسكه بالسنة ، بأنه لا يخرجها من اصناف الطعام إلا ما كان يخرج علي عهد رسول الله ﷺ فقط ، رغم أن معاوية رضي الله عنه لم يستبدل الطعام بالقيمة من المال ، وإنما استبدل صنف من جنس الطعام نفسه ، ورغم ذلك عارضه الصحابي ولم يقبل منه ذلك ، فكيف بنا نحن اليوم وما يحدث من تغيير واستبدال جنس الطعام بالقيمة من المال !!!!

قال الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه ( وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدة الأتباع والتمسك بالآثار وترك العدول إلي الاجتهاد مع وجود النص، وفي صنيع معاوية وموافقة الناس له دلالة على جواز الاجتهاد وهو محمود لكنه مع وجود النص فاسد الاعتبار ) [ فتح الباري (3 / 374) ] 

والشاهد : أن فعل معاوية رضي الله عنه إنما استبدل من جنس الطعام نفسه ، ولم يستبدل جنس الطعام بالقيمة من المال كما يظن من يستند قياسا إلي فعل معاوية  ، هذا اولا .

ثانيا : من يستند إلي أثر وفعل معاوية قياسا لأجل أن القيمة تجوز  بدلا من الطعام في زكاة الفطر فهذا ليس صحبحا ، لأن جهة القياس ايضا لا تصح ، لأن زكاة الفطر طعام ثابتة بالنص ، فهي أصل ، فلا يجوز  القياس مع النص ، ومن المعلوم أن القياس مع النص باطل ، 

والنص في المسألة صحيح صريح ، وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما  ( فَرَضَ رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعا من تمر ، ..) 

فالقياس هنا فاسد مذموم لا يعتد به :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ضلالُ بني آدَمَ مِن قِبَلِ التَّشابُهِ والقياسِ الفاسِدِ لا يَنضَبِطُ ، كما قال الإمامُأحمَدُ : أكثَرُ ما يخطِئُ النَّاسُ مِن جهةِ التَّأويلِ والقياسِ ؛ فالتأويلُ : في الأدِلَّة السَّمعيَّةِ، والقياسُ: في الأدِلَّةِ العَقليَّةِ. وهو كما قال ، والتَّأويلُ الخَطَأُ إنَّما يكونُ في الألفاظِ المتشابِهةِ، والقياسُ الخَطَأُ إنَّما يكونُ في المعاني المتشابِهةِ ) [الفتاوى ( 3/ 63 )]

وقد قرّر الأئمة أن الأصول لا يُقاس بعضها على بعض . 

قال الإمام القرطبي : ( الأصول لا يُرَدّ بعضها إلى بعض قياساً، وهذا ما لا خلاف فيه بين علماء الأمة، وإنما تُرَدّ الفروع قياسا على الأصول ) [ تفسير القرطبي ( 5 / 211 ) ]

فَزَكاة الفِطر أصلا وليست فَرْعاً ، فالقياس هنا خاطئ من وجهين : 

الأول : وجود النصّ الصحيح الصريح في المسألة .

 الثاني : كون الْمَقِيس أصلاً ، والأصل فَرْعاً .

فهذا القياس لا يصحّ  عند جميع الأصوليين ، فقياس زكاة الفطر على زكاة المال قياس مع الفارق ، وهو اختلال لأركان القياس ، وعلي ذلك يسَقَط القياس ويبقى الأصل ، وهو النصّ الصحيح الصريح في المسألة .

وإذا ثبت النص الصحيح الصربح في المسألة ، فلا يَجوز العُدول عنه إلى غيره . 

ومن ردّ النص الصحيح فإنه يُخشى عليه من الزيغ والفتنة ! قال الله تعالى { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

▪الشبهة العاشرة : 

يستندون إلي كلام لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله و الناس في الاستناد إلي كلام شيخ الإسلام رحمه الله صنفان :

👈 الصنف الأول : يقولون أن شيخ الإسلام  : يري جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر .

واستندوا إلي قوله ( وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة ، أو العدل فلا بأس به ) أ هـ.

👈 والصنف الثاني : يقولون  أن مذهب ابن تيمية أن إخراج القيمة في زكاة الفطر وغيرها يجوز للمصلحة الراجحة ، فإنه يقول : ( وأما إذا أعطاه القيمة ففيه نزاع : هل يجوز مطلقاً ؟ ، أو لا يجوز مطلقاً ؟ ، أو يجوز في بعض الصور للحاجة ، أو المصلحة الراجحة؟ على ثلاثة أقوال ، في مذهب أحمد وغيره ، وهذا القول أعدل الأقوال ) يعني القول الاخير   

                                 [ الفتاوى ( 79/25 ) ]

وقال ( وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك ، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد ـ رحمه الله ـ قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه ) إلي أن قال ( وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به )   

                                    [ الفتاوى (25 /82) ]

هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي يستند إليه كلا الصنفين ممن يري جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر  !!! 


اقول  وبالله التوفيق : من العجب ولا ينقضى العجب ، من اهل التدليس والتلبيس في كلام العلماء لأجل نصرة أنفسهم !!! 

نسأل الله السلامة والعافية لنا وللجميع  .

اولا : هذا الكلام لم يتكلم به شيخ الإسلام عن زكاة الفطر اصلا !! ، وإنما ذكره في معرض حديثه عن زكاة التجارة : هل يجوز إخراجها بالقيمة ام يجب إخراجها من عينها ؟ 

هكذا كان السؤال فجاء جواب شيخ الإسلام بناء على ذلك السؤال ، ولم يكن عن زكاة الفطر ، ومن تأمل كلامه لا يجد كلمة ( زكاة الفطر ) ! ، لأن الكلام عن زكاة عروض التجارة !!!

وللاسف اهل الاهواء ممن يذكر كلام شيخ الإسلام لا يذكرون نص السؤال الذي فيه كلمة ( التجارة ) بل يقوم بحذفها ، ثم يأتي من الموضع الذي يوهم القارئ أنه يتكلم عن زكاة الفطر !!

واليك نص السؤال كما جاء :

( سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ تَاجِرٍ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ زَكَاتِهِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ صِنْفًا يَحْتَاجُ إلَيْهِ؟

فأجاب شيخُ الإسلام ابن تيمية: إِذَا أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ أَجْزَأَ بِلَا رَيْبٍ. وَأَمَّا إِذَا أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ فَفِيهِ نِزَاعٌ : هَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا؟ أَوْ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا؟ أَوْ يَجُوزُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِلْحَاجَةِ أَوِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. ) [ الفتاوى ( 79/25 ) ]

ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وَالْأَصْنَافُ الَّتِي يُتَّجَرُ فِيهَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهَا جَمِيعًا دَرَاهِمَ بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ فَأَعْطَى ثَمَنَهَا بِالْقِيمَةِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ وَاسَى الْفُقَرَاءَ فَأَعْطَاهُمْ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ.) [ الفتاوى ( 25 / 80 ) ]

 وبذلك تتضح الحقيقة أن السؤال كان عن زكاة التجارة ، وهو عن تاجر يريد إخراج زكاة المال مما يُتاجِر فيه ، فكان السؤال والجواب في زكاة التجارة، وليست في  زكاة الفطر !!!

وهذا واضح من كلام شيخُ الإسلام ابن تيمية : بأن إخراج الدراهم جائز في زكاة التجارة بلا ريب ، لأن هذا محل اتفاق، ولكن الخلاف هو في حكم إخراجها من أعيان عروض التجارة 

ومعلومٌ أن الواجب في زكاة التجارة أن تَخْرُجَ نقودا ، ولا يصح فيها شيءٌ غيرُ النقود ، فتُقَوَّمُ بضاعةُ وعروضُ التجارة في نهاية الحَوْل ، ويُخْرِجُ من قيمتِها ربع العشر ( 2,5%).

وهذا مذهب جمهور أهل العلم .

ولذلك قال شيخُ الإسلام : ( إِذَا أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ أَجْزَأَ بِلَا رَيْبٍ . وَأَمَّا إذَا أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ فَفِيهِ نِزَاعٌ ).

لأن الجمهور من الفقهاء يقولون بوجوب إخراج النقود في زكاة التجارة ، ويقولون بعدم جواز إخراج زكاة التجارة من عينها ، أي : من العروض التي يتم بيعها .

والشاهد : أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ليس في محل الكلام عن زكاة الفطر يا عباد الله !! ، وإنما عن زكاة التجارة  .

وقد وضح ذلك أهل العلم :

قال الشيخ الفوزان حفظه ﷲ ( مَن قال أن " ابن تيمية " أجاز زكاة الفطر نقدًا فقد كذب عليه ) [ شرح كتاب العمدة الدرس (20) ]

وبقى أمر وهو ما هو مذهب شيخ الإسلام في مسألة زكاة الفطر ؟

نقول مذهبه هو : إخراجها طعام وليست قيمة ، واليك نص كلامه في ذلك : 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية  رحمه الله  : ( والنبي ﷺ فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير لأن هذا كان قوت أهل المدينة ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتونه ) [ الفتاوى ( 25 / 69 ) ] .

وقال ايضا وهو يتحدث عن زكاة الفطر : ( ولهذا أوجبها الله طعاماً كما أوجب الكفارة طعاماً ). [ الفتاوى ( 25 /73) ].

هذا كلام شيخ الإسلام ياعباد الله ! ، واتقوا يا  من تدلسون علي الناس في كلام شيخ الإسلام !!! .

وبعد بيان وتفنيد تلك الشبهات التي يتعلق بها أهل الأهواء في مسألة زكاة الفطر ، يتضح ويظهر أن السنة في إخراجها هو الطعام ، فلا يجوز إخراجها قيمة بالمال أو بغيره .

ومن أخرجها قيمة مالا فإنها صدقة من الصدقات وليس زكاة فطر وذلك لعدة أمور :

أولا : لأنه خلاف السنة الثابتة الصحيحة  .

ثانيا : أن القيمة ( المال ) كانت موجودة علي عهد النبي ﷺ ، ولم يذكرها كأحد أصناف زكاة الفطر .

وقد جاءت الاصناف في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ )

وحديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ( كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ ﷺ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ )

ثالثا : انها صدقة وليست زكاة فطر ، اي ما زال الصائم لم يطهر صيامه من اللغو والرفث : كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ( فرضَ رسولُ اللَّهِ ﷺ زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ ) .

رابعا : ذهب جمهور العلماء من المالكيّة ، والشافعيّة ، والحنابلة ، إلى القَوْل بعدم جواز إخراج زكاة الفِطْر نَقْدا ، استدلالاً بما ورد في السنّة النبويّة من أنّ الواجب المفروض في زكاة الفِطْر هو الطعام، وهو فِعل النبيّ ﷺ وأصحابه .

خامسا : أن الأصل الصحيح الصريح في إخراجها طعاما وهو الذي عليه جمهور العلماء ، وذلك لذكره في النصوص ، كما في قول ابو سعيد الخدري رضي الله عنه (صَاعًا مِن طَعَامٍ ) .

وقول ابن عباس رضي الله عنهما ( وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ ) [ أخرجه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود ]

فهذين الحديثين يفيدوا بحصر كونها طعام للمساكين  

فلا يصلح بعد ذلك أن نستبدل قوله ( وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ ) بفعلنا ( نقودا للمساكين ) ! ! !

والحمد لله رب العالمين ، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعمل وكيل .

  ✍ كتبه العبد الفقير إلى رحمة مولاه 

              صديق بن محمد الشريف 

              دار الحديث الأثرية بدلجا 

                جنوب الصعيد المصري

                    رمضان 1445


*************

عن الكاتب

أتباع السلف الصالح

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

أتباع السلف الصالح