(نزعُ السهام في رد تطاول: زكريا اليافعي والبرامكة والعمودي وابن حزام)
على الشيخ العلامة: يحيى بن علي الحجوري حفظه الله
إليكِ إليكِ عني ياسُمَيَّ[1]فليس ودادُكم حتما عليّ
وما أنا بالذي أحدثتُ هجرا[2]فأحملَ من أساء به إليَّ
ولكن كنتُ مظلوما فأشكو[3]إلى الرحمن بَثِّي يا سُمَيَّ
فإن الله يسمع من دعاه[4]مع الإلحاح صبحا أو عشيا
أبا يحيى أتيتَ بشر قول:[5]بهدم مساجد بالذكر تُحيَا
ولم تجعله شيئا مستحبا[6]ولكن واجبٌ عَدوًا وبغيا
ولم نسمع بقول مثل هذا[7]لذي علم يخاف الله خزيا
فما رأيُ الأكابر من شيوخ[8]لكم في معبرٍ إن كان غيا
وقد هلكت ثمودٌ من رضاها[9]بعاقر ناقة ترويه سُقيا
فإما أن يُقِرُّوه سكوتا [10]فيُحمَلُ عنهم الإقرارُ حَيّا
وإما أن يدينوه فتُنفَى[11]عليهم هذه الأقوالُ نفيا
وما كنا لِنرضى الشخصَ فينا[12]يقول الظلمَ أو يأتي فَرِيا
وقِدما كان أنكر ما رماكم[13]من التكفير فينا الشيخُ يحيى
وأُلزِمَ بالتراجع بعدَ حكم[14]من التكفير بالظلم البَرِيَّا
ولم نقبل بمن يبغي بحكم[15]على خصم ومن يجفو وليا
وأنتم إن أوى رجلٌ إليكم[16]تكون ذُنوبُهُ رُطَبا جَنيا
وليس تضر من يأوي إليكم[17]ذنوبٌ بل يكون بها حفيا
كما لا ينفع الأخيارَ شيءٌ[18]وإن خرُّوا سجودا أو بُكِيا
إذا هم لم يكونوا في صفوف[19]لكم يمشون في التقليد عُميا
وليس عليهمُ عجبٌ رضاهم[20]به والحقد يُعمي العينَ رؤيا
فما إن قد رأينا القوم يوما[21]بهذا الظلم قد زجروا غبيا
وما شَرِقوا بأكبر منه ظلما[22]ولكن حاولوا دفعا وليا
وبثوا قوله فرحا وزادوا[23]عليه من رعودهمُ دَوِيّا
وقالوا إنها حُججٌ عظام[24]تزيد بها فُهومُ القوم وعيا
ولم يرجع إليكم غيرُ ميْت[25]نفاه بحرُنا للسِّيف نفيا
على أني أظن القومَ ظنا[26]وبعض الظن إثمٌ ليس هديا
بأن القوم لن يرضوا بهذا[27]جميعا إنما من رامَ دُنيا
ومن يستعذب المرعى وخيما[28]ولم يك همُّه المرعى نقيا
وإلا فالمُقام بأرض سوء[29]حرامٌ يقتضي ظعَنا ونأيا
ولن تغنيك مشيخةٌ لجهل[30]بيوم الدين عندالله شَيّا
ولن يغني معاشٌ أو فُتاتٌ[31]لهم إن لم تكن عَفّا تقيا
فليس بكَثرة الأموال تُغنَى[32]إذا ما لم تكن نفسا غنيا
وأرض الله واسعة النواحي[33]فقد تغدو مع التقوى ثَريا
زعمتَ بأن يحيى نال مالا[34]فصار مُكبَّلا بالمال يحيى
ولو يحيى يُبَاع به ويُشرَى[35]لصار مكبلا دينا ودنيا
ألم تسمعه قال بذات يوم[36]-مقالةَ صادق- قولا قويا
فلو كفي تُمَدُّ إلى عميل[37]إذًا لقطعتُ من بُغض يَديَّ
وكان أقام في حَرَم زمانا[38]فلم نرَ منه خلف المال جريا
ولو كانت مشائخُكم جميعا[39]مكانَ الشيخ ما لبثوا مَليا
وواقعهم يدل على ادعائي[40]فهم لم يسلكوا دربا سويا
نرى منهم علينا كلَّ حين[41]-بلا سبب- هجوما عنتريا
ولو شَنُّوا الذي شنوا علينا[42]على أهل الضلال لكان بغيا
فإن القول من كذب نراه[43]حراما في الثرى أو في الثُّريا
على كل الورى من كل دين[44]كفى كذبُ الفتى خُلُقا دَنِيّا
تبيَّنَ من هو المكتوف فعلا[45]و من هو بالهوى منا حَرِيَّا
ألستم أمسِ تعتقدون -جزما-[46]أبا حسن بحزب قد تزيا
فهل قد تاب مما قد نقمتم[47]عليه أم تراجعتم سَويا
فأما هُوْ فلم يرجع بشيء[48]وشنّ عليكمُ نقدا جَرِيّا
وأما أنتمُ فنرى سكوتا[49]مريبا توهمون به الغبيا
تعانقت الإبانةُ معْ سراجٍ[50]معانقةَ الأحبة بعد لُقيا
وهنأَ بعضُكم بعضا سرورا[51]بنهج الإعتدال وكان نعيا
ولم يُذكَر لمقبل أيُّ فضل[52]بدعوتكم وما قد كان أحيا
لأنكمُ على دعوى ابن هادي[53]تآمرتم جميعا وهْيَ وهْيَ
لقد كُشِفَ الغطاءُ وكان سرا[54]طويتم نشره بالأمس طيّا
فأخرجه إلى العلن التواصي[55]على المكر الذي أضحى جليا
ولم يثبت سوى الشيخ الحجوري[56]على حقٍّ وكان به حَريا
ومن معه من الأشياخ طُرًّا[57]سقاهم ربُّنا الحوضَ الرَّوِيا
ألا يكفيكمُ هذا بترك[58]لهم إن كنتمُ بشرا سويا
ألم يك ذاك تغييرٌ لديكم[59]بمنهجكم أم التغيير رؤيا
أخيرا يا أبا يحيى سلام[60]عليك ومن يمُدُّ الحبلَ غيا
أترجع بعد هذا العمر تدعو[61]لِهدمِ مساجدٍ قُبِّحتَ رأيا
ولا أدري أتبتَ إلى مليك[62]مليكِ العرش أم أضمرتَ شيّا
قد استغربتُ من لَمزٍ لقوم[63]بأمسٍ أكرموك فكن حَيِيَّا
بِفيكَ أراك قد أثنيتَ خيرا[64]عليهم ثم لم تُصبح وفيا
حجاورةٌ وأنتَ بأمسِ منهم[65]تدافع عنهمُ قولا وسعيا
وهذا اليوم قد أصبحتَ تفري[66]أديمهمُ بسوء القول فَريا
أذكركم ولستُ أخاف منكم[67]ولكن أنشدُ الخلُقَ السَّنيا
وأدعوكم لترجع من قريب[68]إلى الرحمن ربِّك لا إليَّ
ففي هذا التقوُّل منك ظلم[69]أعيذك أن تكون به حفيا
وأُختم بالكلام على العمودي[70]وإبنِ حزام من قد ضل سعيا
كأنَّ الهارشَ الناسَ العمودي[71]به كلَبٌ يعَضُّ به البَرِيا
كأن شعاره الجافي: اقتلوني[72]-وأعدائي- ولا تُبقوا علَيَّ
فلا هطلت على أرض سماءٌ[73]إذا ما مِتُّ ظمآنا صَدِيَّا
يصيح بكل من مَرُّوا عليه[74]وما ضر الصياحُ لنا صبيا
يظن كلامَه في الشيخ يحيى[75]يضر الشيخَ -خاب الظنُّ رأيا-
وهل ضر الجبالَ الشمَّ ريحٌ[76]تمُرُّ بها غُدوًّا أو عشيا
يريد على الغلو له دليلا[77]ومنه عليه وسْمٌ في المُحَيَّا
كلامك في المخالف دون حق[78]دليلٌ يقتضي قدحا جليا
كذا ابن حزام حذر من يراه[79]بحالته يُجِلُّ الشيخَ يحيى
يقول له بلا لقبِ الحجوري[80]ويحسب جاهلا شيخا سَريا
أليس على سُرور كان يُثني[81]أشد من الثناء عليك يحيى
لقد كان الذين مضوا خروجا[82]أشدَّ صراحةً منكم ورأيا
لقد قالوا: زمان الخوف ولى[83]وراميناهمُ بالنبل رميا
فماذا قد جنيتم من شقاق[84]سوى أن صرتمُ ذنبا قَميا
ويُؤخَذُ لانضمامكمُ إليهم[85]شروطٌ لايُصَانُ بها مُحَيَّا
شروطٌ لاعتدالٍ لا لِسير[86]على حق فذوقوه هنيا
ومن يُهنِ الإلهُ له مقاما[87]فما من مكرم يُعلي دَنِيّا
عبدالكريم الجعمي
14 من جمادى الأولى 1446ه