خطبة جمعة بعنوان (التحذيرات الهامة من الظلم في الأموال الخاصة والعامة)
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله
سجلت بتاريخ ١٠ رجب ١٤٤٦ه
مسجد الفاروق إب اليمن حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
جاء في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الناس خطيبا في يوم النحر ثم قال لهم عليه الصلاة والسلام:" أي يوم هذا؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال : فسكت حتى ظننا أنه سوف يسميه بغير اسمه، قال : أليس يوم النحر؟ قلنا : بلى، ثم قال : أي شهر هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذو الحجة؟ قلنا : بلى ثم قال عليه الصلاة والسلام: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا : بلى، فقال عليه الصلاة والسلام : إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا اللهم هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال : اللهم فاشهد فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.
خطب نبينا عليه الصلاة والسلام هذه الخطبة الموجزة البليغة في يوم النحر في مشهد عظيم، اجتمع الناس في حجة الوداع من أطراف الأرض، واجتمعوا في ذلك الموضع اجتماعا لا نظير له، فخطب فيهم النبي عليه الصلاة والسلام وبين لهم حرمة الدماء، وحرمة الأموال، وأن حرمة ذلك كحرمة يوم النحر في الشهر الحرام في شهر ذي الحجة وفي البلد الحرام.
ثم حث أصحابه رضي الله عنهم أجمعين أن يبلغوا ذلك إلى الأمة، فبلغوا ذلك رضي الله عنهم أجمعين، فدماء المسلمين محترمة، وهكذا أموالهم، الدماء محترمة وأموال المسلمين محترمة.
والفتنة عظيمة في باب المال وقل من يتورع فيه إلا من رحم الله عز وجل، وقد جاء في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يَأْتي علَى النَّاسِ زَمانٌ لا يُبالِي المَرْءُ ما أخَذَ منه؛ أمِنَ الحَلالِ أمْ مِنَ الحَرامِ.
يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أي من المال، هل هو من حلال أو هو من حرام، ليس عنده ورعه ولا خوف من الله عز وجل، الحلال عنده ما حل في يده سواء كان من قبيل السرقة أو كان من قبيل الغصب أو كان من قبيل الاحتيال أو كان من قبيل الرشوة أو كان من قبيل الربا أو كان من قبيل أموال اليتامى أو أموال الضعفاء، لا يبالي كيف أخذ المال أم من حلال أم من حرام، هكذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام وأن هذا حاصل في أمته، والأمر كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام.
فهذا أمر حاصل في هذه الأمة وهذا حال كثير من الناس إلا من رحم الله عز وجل، لا يتورعون في هذا الباب، جاء عند الترمذي وعند غيره عن كعب بن عياض رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:" إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال.
مع خطورة هذا الأمر لكن صار كثير من الناس لا يبالي بذلك، فينتهكون هذه الحرمة من غير خوف من رب العالمين سبحانه وتعالى، ويأخذون الأموال بغير حلها وبغير حقها، وربما يبقى الإنسان على ذلك إلى أن يموت وهي يأكل من أموال الضعفاء والمساكين، ومن أموال الناس، يأكل الحرام بكافة صوره وأنواعه، والنبي عليه الصلاة والسلام في حديث جابر يقول لكعب بن عجرة: يا كعب بن عجرة أيما لحم نبت من حرام أو من سحت فالنار أولى به.
فإن الحرام خبيث، والجنة طيبة والنار خبيثة، الخبيث للخبيث، فالجسم الذي نبت من الخبيث من الحرام فإنه إلى دار الخبثاء إلى دار جهنم والعياذ بالله، فإن الجنة طيبة طيب أهلها لا يدخلها إلا من كان طيبا، والنار خبيثة خبيث أهلها يدخلها من كان خبيثا، فأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به، هكذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام.
كثير من الناس لا يتورع في باب الأموال مع شدة الحرم التي بيّنها نبينا عليه الصلاة والسلام في حديث أبي بكرة وفي غير ذلك من الأحاديث، ولا سيّما في أموال الضعفاء من اليتامى ومن النساء، فإن كثيرا من الناس يتقوون على من كان ضعيفا من غير خوف من رب العالمين سبحانه وتعالى، فيأكلون أموال اليتامى ظلما، والله سبحانه وتعالى يقول:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}[النساء:10].
وعيد شديد من رب العالمين سبحانه وتعالى، إن أكلت مال اليتيم إنما تأكل ناراً في بطنك والعياذ بالله، وأنت متوعد بالسعير بنار جهنم عياذا بالله:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}[النساء:10].
والله سبحانه وتعالى يقول:{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا (19)}[الفحر:19]. قال جماعة من أهل العلم المراد بذلك: ميراث اليتامى، والتراث التاء كما يقول أهل العلم مبدلة من الواو وأصل ذلك الوراث، والوراث هو الميراث، أي تأكلون الميراث ميراث اليتامى أكلاً جما أي جميعاً، تأكلونه مع أموالكم، فيأكلون أموال اليتامى بأكمله ويضيفونه إلى أموالهم والعياذ بالله، وهذا حال كثير من الناس وأخبار الناس في ذلك مؤلمة، إذا مات الميت عن يتامى إذا بالكبار يأكلون أموال الصغار.
وهكذا من يقوم عليهم من الأقرباء لا يخافون الله عز وجل ويأكلون أموال اليتامى ظلما، ويسارعون في أكلها قبل أن يكبروا ويطالبوا بحقوقهم وهذا ظلم عظيم، وهذا ذنب مهلك موبق، في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" اجتنبوا السبع الموبقات قالوا ما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
والشاهد: أن النبي عليه الصلاة والسلام جعل من جملة الموبقات أكل مال اليتيم، فهو موبق أي مهلك والعياذ بالله.
وهكذا التعدي على أموال النساء كذلك من الأمور التي هي منتشرة في أوساط الناس وفي كثير من الناس لا يورثون النساء، لا يورثون النساء ويجعلون الميراث للرجال وإن أعطوا النساء أعطوهن شيئا يسيراً وظلموهن في حقوقهن وهذا موجود ومنتشر في أوساط الناس، وقد جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام كما جاء في المسند وعند النسائي وعند ابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام :" أحرج في حق الضعيفين اليتيم والمرأة.
أحرج في حق الضعيفين اليتيم والمرأة فحرج النبي عليه الصلاة والسلام في حقهما بمعنى أشدد وأضيق وأأثم في حق الضعيفين اليتيم والمرأة، فالتعدي على حقوق الضعفاء من اليتامى ومن النساء ومن المساكين من الظلم العظيم، فهذه الأموال قل من يتورع عنها لضعف أهلها، لضعف أهلها فقل من يتورع عن أموال اليتيم لضعفه، وقل من يتورع عن مال النساء لضعفهن، فيستغل ضعف اليتامى وضعف النساء ويأكل أموالهم بغير حق، وهذا ظلم والظلم ظلمات يوم القيامة.
فعلى العبد أن يتقِ الله سبحانه وتعالى وليعلم أن الدنيا زائلة مهما أكلت ومهما أكلت فإنما تأكله انظر إلى ما يصير، يصير إلى شيء نتن ويذهب ويزول وتزول الدنيا بما فيها وأنت لن تبقِ فيها، وإذا انتقلت إلى ربك سبحانه وتعالى سوف تحاسب على كل كبير وصغير، والله سبحانه وتعالى لا يترك حقوق الناس ويمهل الظالم ولا يهمله :{وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}[هود:102].
قال:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)}[إبراهيم:42].
قال:{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)}[الشعراء:227].
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر ذنوبنا وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد معاشر المسلمين :
قلة من الناس من يتورع من أخذ المال بغير حق، ومن جملة ذلك الأموال العامة فقلة من الناس من يتورع فيها في الأموال العامة.
ومن جملة هذه الأموال العامة : أموال المساجد وأوقاف المساجد وآلات المساجد قل من يتورع فيها من الناس إلا من رحم الله سبحانه وتعالى، فهي محل ضياع عند كثير من الناس، والمتأمل في أحوال الناس يجد ذلك ظاهراً بينا، فإذا جاءوا إلى مياه المساجد إذا هم يعبثوا بها ويسرفوا فيها إسرافا شديدا، في وضوئهم وفي سائر استعمالاتهم ولا يبالي بهذا الماء المحترم، والواحد منهم إذا استعمل الماء في بيته بالغ في الاقتصاد، بالغ في الاقتصاد يخشى على نفسه ويخشى من ذهب ماله ويخشى إذا جاءته فاتورة المياه أن يدفع مالاً كثيرا، فإذا توضأ توضأ بالشيء اليسير وجعل ربما الماء يتساقط إلى الآنية ولا يتساقط إلى الأرض ويبالغ في الاقتصاد في وضوءه لأن ثمن الماء مدفوع من جيبه وإذا جاء إلى بيت من بيوت الله عز وجل أسرف إسرافا عجيبا، وتوضأ وضوءا عجيبا وبالغ في إخراج الماء وفي صبه إلى الأرض مبالغة عجيبة، ولو فعل ولده ذلك في بيته ربما لأهلكه ضربا، أما في المساجد وفي أموال المساجد وفي حقوق المساجد فقل من يتورع بذلك.
والوضوء ليس فيه إسراف والإسراف في الوضوء محرم كما أنه محرم في غيره، ونبينا عليه الصلاة والسلام كان يقتصد في وضوئه ولا يبالغ في ذلك، جاء في الصحيحين من حديث سفينة رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ مِنَ المَاءِ مِنَ الجَنَابَةِ، ويُوَضِّئُهُ المُدُّ.
والمد : ملء الكف بمقدار هذه القارورة التي يشرب بها الناس من مياه الصحة، نحو ذلك أو قريب من ذلك، يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع أي بأربعة أمدد.
وهكذا جاء في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال : كان النبي علي الصلاة يغتسل بالصاع إلى خمسة أمدد ويتوضأ بالمد.
فهكذا كان هدي النبي عليه الصلاة والسلام.
وقال الإمام أحمد رحمة الله عليه : من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء.
وكان الإمام أحمد رحمة الله عليه إذا توضأ لا يكد يبل الثرى إذا توضأ، والناس في هذه الأزمان يقتصدون في وضوئهم في منازلهم وإذا جاءوا إلى بيوت الله عز وجل بالغوا مبالغة فاحشة وأسرفوا إسرافا كبيرا في استعمال الماء.
وهكذا لو تأملنا أيضا في غير ذلك من آلات المسجد ومن أموره ومن شؤونه فإنهم لا يبالون بذلك، ولهذا لا تكاد تبقى آلات المسجد إلا فترة يسير من الزمن لعدم المبالاة وعدم الخوف من الله عز وجل، والواحد منهم في بيته ربما يبالغ في آلات منزله، وبعض الناس يقول هذا الشيء هو عنده منذ أربعين سنة، وذاك يقول منذ ثلاثين سنة، يجعله ويحافظ عليه محافظة بالغة لأنه اشتراه من ماله، أما في بيوت الله عز وجل فلا يبالي بآلات المسجد وأدوات المسجد وكل هذا من قلة الخوف والورع من الله عز وجل، فهكذا يتعامل كثير من الناس في الأموال العامة لا يتورعون فيها ولا يتقون الله عز وجل.
وهكذا من هذا القبيل ما يتعلق بالأوقاف بأوقاف الآباء والأجداد قل من يتورع بهذه الأموال إلا من رحم الله عز وجل، كم من أوقاف أُخذت ومن أوقاف ضيعت والآباء والأجداد أرادوا الخير وأرادوا الأجر أرادوا الصدقة الجارية وإذا بالأولاد يعقون آباءهم، منهم من يجعل تلك الأوقاف لمصلحة نفسه يصرف ثمار الأوقاف وأموال الأوقاف لمصلحة نفسه ولا يضع الأوقاف في موضعها.
ومنهم من يقوم ببيعها ويغير الأوقاف ويقوم ببيعها ويأكل ثمنها ويأكل حراما ويتعدى على حرمة عظيمة من حرمات الشرع، وقل من ينجو من ذلك إلا من رحم الله سبحانه وتعالى، وأخبار الناس في ذلك كثيرة ومآسي الناس في ذلك كثيرة، لا ورع ولا خوف من الله عز وجل.
وهكذا أيضا فيما يتعلق بالمقابر، بالمقابر كم يحصل من بغي وظلم فيها، كم من مقابر انتهت بالكلية وصار فيها البيوت والمساكن وزالت معالمها بالكلية وكانت مقابر معلومة لدى الناس، ذاك يتعدى ويبني في جزء منها، ويأتي الآخر ويقلده ويبني في جزء منها، والثالث والرابع والخامس حتى تنتهي المقبرة بالكلية، ويا ليت أنهم أخذوا أرض المقبرة ونقلوا الموتى من ذلك الموضع إلى موضع آخر، بل يأتون بالجرافات ويجرفون العظام ويكسرونها كسرا ويرمونها من غير خوف ولا وجل من الله عز وجل، وجاء في المسند وعند أبي داود من حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:" كسر عظم الميت ككسره حي.
من جاء يريد أن يكسر عظمك أتاذن له ؟ فكيف تتعدى على عظام الموتى، المقابر هي مساكن الموتى هي بيوت الموتى، أترضى أن يتعدى أحد على مسكنك على بيتك على منزلك؟ لا ترضى هذا لنفسك فكيف تتعدى على مساكن الموتى وعلى بيوت الموتى، نبينا عليه الصلاة والسلام كما جاء في المسند وفي السنن من حديث بشير بن الخصاصية رأى رجلا يمشي بنعليه في المقابر فقال عليه الصلاة والسلام: يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك.
احتراما للموتى حتى في قضية المشي بالنعال يقول ألقِ سبتيتيك، وهؤلاء لا يحترمون الموتى، لا يحترمون الموتى لا يحترمون عظمهم، ولا يحترمون مساكنهم، أزيلت مقابر بالكلية وبنيت فيها المنازل وهذا من الظلم والبغي.
وهكذا جعلت طرقاً للسيارات وما إلى ذلك، فكم من ظلم وبغي يحصل في مثل هذه الأمور العامة، وأنت مصيرك يا عبد الله إلى أن تكون من الموتى وتنتقل من هذه الدار إلى تلك الدار، أترضى أن يفعل فيك ما تفعل بغيرك فاتق الله يا عبد الله في مثل هذه الأمور المهلكة، وخف ربك سبحانه وتعالى فإن مصيرك إلى الموت.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذلوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.
فرغها أبو عبد الله زياد المليكي حفظه الله
المصدر: https://t.me/Zaedyyyyyy123456/3015
رابط الملف 👈 https://t.me/atbaasalaf/15755