خطبة جمعة بعنوان
كشف الأستار في إبطال دعوى اليهود بأنهم شعب الله المختار
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتاريخ ٢٠ شوال ١٤٤٦ه
مسجد النور الزرعان
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 ،71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}[المائدة:59،64]
في هذه الآيات المباركات من سورة المائدة بيّن سبحانه وتعالى حال اليهود، أجلاهم وبين حالهم وبين مكانتهم وأنهم ممن لعنهم سبحانه وتعالى وغضب عليهم، واليهود يزعمون أنهم هم شعب الله المختار أي أن الله سبحانه وتعالى اصطفاهم واجتباهم، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى حالهم، يزعمون أن الله سبحانه وتعالى اصطفاهم وهم كذبة، يزعمون أن الله سبحانه وتعالى اختارهم وهم كذبة، يقولون كما قال الله عز وجل:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ}[المائدة:18]. فزعموا أنهم هم أبناء الله تعالى الله عن ذلك علو كبيرا، وزعموا أنهم أحباء الله وقد أكذبهم الله سبحانه وتعالى فقال: قل فلما يعذبكم بذنوبكم فإن الحبيب لا يعذب حبيبه، والأب لا يعذب ولده، فإن كنتم صادقين أنكم أبناء الله وأنكم أحباءه فلما يعذبكم بذنوبكم، وهم معترفون أنهم سوف يعذبون في نار جهنم غير أنهم يقولون أياما معدودة، فأكذبهم الله سبحانه وتعالى في زعمهم أنهم هم أبناء الله وأنهم أحباءه فإن الحبيب لا يعذب حبيبه والأب لا يعذب ولده:{وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)}[البقرة:111،112].
فأكذبهم الله عز وجل في قولهم في قول اليهود إن الجنة لا يدخلها إلا من كان يهوديا، وفي قول النصارى إن الجنة لا يدخلها إلا من كان نصرانيا، فبين الله سبحانه وتعالى أن الجنة أعدها لمن آمن به لمن وحده واستقام على دينه أسلم وجهه لله وهو محسن متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن أخلص لله عز وجل واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فله الجنة، ومن لم يكن كذلك فمأواه النار وبئس المصير، فهذه دعاوى كاذبة بينها الله سبحانه وتعالى من دعاوى اليهود وهم يزعمون كما عرفنا أنهم هم شعب الله المختار فأكذبهم الله سبحانه وتعالى وبين حالهم ووصفهم الله سبحانه وتعالى وجل أمرهم فقال : {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} فلعنهم الله سبحانه وتعالى أي طردهم من رحمته، وغضب الله سبحانه وتعالى عليهم فهم مغضوب عليهم، وجعل منهم القردة والخنازير مسخهم الله عز وجل إلى قردة وإلى خنازير، قال ابن عباس : مسخ شيوخهم إلى خنازير ومسخ شبانهم إلى قردة، فكيف هم شعب الله المختار وكيف هم أبناء الله وأحباءه وقد مسخهم الله سبحانه وتعالى إلى قردة وخنازير، ولعنهم الله عز وجل، وغضب الله سبحانه وتعالى وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، عبد الطاغوت عبدوا الشيطان فأطاعوه وعصوا الرحمن، عبدوا أحبارهم ورهبانهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم، عبدوا العجل من دون الله عبدوا العجل كما قصه الله سبحانه وتعالى في كتاب وهذا من عبادة الطاغوت التي وقع فيها اليهود وهذا أمر عجيب حصل من اليهود، وذلك أن الله سبحانه وتعالى أنجاهم بتوحيد الله عز وجل وأغرق عدوهم فرعون بإشراكه بالله عز وجل، فإن فرعون قال أنا ربكم أعلى، وقال ما علمت لكم من إله غيري، وقال له قومه أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك، فكانوا من المشركين بالله رب العالمين سبحانه وتعالى، فنجى الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل نجى الله عز وجل اليهود من كيد فرعون بتوحيدهم لله عز وجل، وشاهدوا غرق فرعون كيف أن الله عز وجل فلق البحر لهم فخرجوا من البحر سالمين وأطبق البحر على فرعون وعلى جنوده، فأنجى الله سبحانه وتعالى موسى وبني إسرائيل وأهلك الله سبحانه وتعالى فرعون قال سبحانه وتعالى:{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)}أرادوا الإشراك بالله عز وجل وأن يعبدوا غيره بعد أن خرجوا من البحر وشاهدوا منة الله سبحانه وتعالى عليهم كيف أنجاهم من الغرق وأهلك فرعون ومن معه، بدل أن يشكروا ربهم سبحانه وتعالى وأن يوحدوه وأن يكثروا من حمده ومن ذكره ومن شكره إذا بهم يطلبون الإشراك بالله عز وجل وأن يجعل لهم موسى إلها كما لهم آلهة، نسوا ربهم سبحانه وتعالى مع أن الزمن قريب، هم شاهدوا إهلاك الله عز وجل لفرعون فخرجوا من البحر وطلبوا أن يعبدوا غير الله عز وجل فأنكر عليهم موسى عليه الصلاة والسلام ثم ذهب موسى لميقات ربه فلم يرجع إليهم إلا وقد عبدوا العجل من دون الله عز وجل:{فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ (88)} أي نسى موسى أن إلهه العجل فذهب يطلب ربه وغائب عنكم أربعين يوما يبعث عن ربه ونسى موسى أن إلهه هو العجل، هؤلاء هم اليهود الذين يزعمون أنهم هم شعب الله المختار وأنهم هم أحباء الله وأنهم هم أبناء الله:{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)}هذا حالهم شر مكان فإن مكانهم جهنم والعياذ بالله خالدين فيها أبدا، وقد ضلوا عن سواء السبيل وما اهتدوا إلى الصراط المسقيم، {وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61)}[المائدة:61].
وهؤلاء هم المنافقون من اليهود كانوا يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والكفر في قلوبهم ويزعمون أنهم آمنوا نفاقا ومكرا وكيدا بالإسلام المسلمين، وإذا خرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا بالكفر الذي دخلوا به، فدخلوا وهم كفار وخرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كفار ، وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر أي لما دخلوا إليك دخلوا مصاحبين للكفر، وهم قد خرجوا به أي خرجوا من عندك مع الكفر الذي في قلوبهم:{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62)} هذا هو حالهم يسارعون في ماذا؟ هل يسارعون في مرضات الله؟ هل يسارعون في طاعة الله؟ هل يسارعون في محاب الله عز وجل؟ الجواب لا إنما يسارعون بالإثم بالمعاصي والسيئات والعدوان وهو البغي والظلم، يسارعون فيما يغضب الله عز وجل ويقولون نحن شعب الله المختار، ويقولون نحن أبناء الله وأحباؤه، وهم يسارعون في مساخط الله، يسارعون في الذنوب والمعاصي، ويسارعون في البغي والظلم والعدوان، ويأكلون السحت يأكلون المال الحرام من الرشوة ومن الربا ومن غير ذلك من المال الحرام،{وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)} بمعنى هلا نهاهم علماؤهم عن هذا الظلم وعن هذه المعاصي لكنهم فسدوا وفسد علماؤهم لم يأمرهم علماؤهم بالمعروف ولم ينهوهم عن المنكر لأنهم وعلماؤهم سواء قد ضلوا عن سواء السبيل ولعنهم الله وغضب الله عليهم فكبارهم وصغارهم على هذا الوصف وعلماؤهم وجهالهم على هذا الوصف قد لعنهم الله وغضب عليهم وجعل منهم القردة والخنازير، {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} لم يسلم منهم حتى ربهم سبحانه وتعالى وهم يزعمون أنهم أبناء الله وأحبائه، وأنهم شعب الله المختار ومع هذا لم يسلم منهم ربهم سبحانه وتعالى، ووصفوا الله عز وجل بالفقر:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} بمعنى أنه بخيل تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، وهم يتقلبون في نعم الله في ليلهم وفي نهارهم ومع هذا يرمون ربهم سبحانه وتعالى بالبخل:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ} إذا سمعوا القرآن لا يهتدوا به وإنما يزدادون كفرا وضلالا والعياذ بالله :{وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} فهم في الظاهر متآلفون وفي الباطل مختلفون متعادون كل يعاد الآخر وهم فرق شتى يكفر بعضهم بعضاً ويعادي بعضهم بعضاً ويكيد بعضهم إلى بعض :{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (14)}[الحشر:14].
إذا قاتلوا المسلمين فيهم الخوف والرعب، فيهم الخوف الرعب لا يقاتلون المسلمين مواجهة وإنما يرمونهم من وراء جدر، وفي الحصون يرمونهم من الحصون البعيدة وهم متسترون بالجدر كشأن اليهود في هذه الأزمان مع المسلمين في بلاد فلسطين، يرمونهم من كل موضع دمروا البلاد وأهلكوا الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، قال سبحانه وتعالى:{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (14)} وفي هذه الآيات قال سبحانه وتعالى :{وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)} كلما اثاروا نار الحرب وأشعلوها فإن الله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد أطفأها الله سبحانه وتعالى يطفئ نار حربهم ووصفهم الله سبحانه وتعالى بالمفسدين، وأنهم يسعون في الأرض بالفساد، هؤلاء هم اليهود وهذا وصفهم وصفهم بذلك ربهم سبحانه وتعالى العليم الخبير، ويزعمون أنهم شعب الله المختار وأنهم أبناء الله وأحباؤه وهم أهل الفساد والإجرام على مر التاريخ، والله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد غير أن الأيام دول، الأيام دول يبتل الله سبحانه وتعالى المؤمنين في وقت من الأوقات ثم يجعل الله سبحانه وتعالى العاقبة للمتقين:{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)}[غافر:51]..
قال: {إِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)}[الصافات:173].
قال: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج:40].
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم إلى كل خير وأن يغفر لنا ذنوبنا إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونسعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد، جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ.
وفي مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام :" حتى تقول الحجر والشجر يا عبد الله يا مسلم ورائي أو خلفي يهودي فاقتله، قال النبي عليه الصلاة والسلام إلا الغرقد فإنها من شجر اليهود، وهي أشجار مشوكة من أشجار اليهود إذا اختبأوا خلفها فإنها لا تنادي المسلمين ولا تقل يا عبد الله خلفي يهودي تعال فاقتله، فجميع الأشجار تتحدث وجميع الأحجار تتحدث وتنادي المسلم يا عبد الله يا مسلم خلفي أو ورائي يهودي تعال فاقتله، فلا تقوم الساعة حتى يحصل هذا الأمر كما أخبرنا بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فالعاقبة جعلها الله سبحانه وتعالى للمؤمنين، والعاقبة جعلها الله سبحانه وتعالى للمتقين لكن الأيام دول كما قال سبحانه وتعالى :{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} فتاره يكون الغلبة للكفر على المسلمين بسبب ذنوب المسلمين وسيئاتهم لكن العاقبة بعد ذلك يجعلها الله سبحانه وتعالى للمتقين، ما أخبر عنه نبينا عليه الصلاة والسلام لا بد أن يكون فلا تقوم الساعة حتى يهين الله عز وجل اليهود فيقتلهم المسلمون شر قتله يتخبأ اليهودي خلف الحجر فينادي الحجر يا عبد الله يا مسلم خلف يهودي تعال فاقتله، يتخبأ اليهودي خلف الشجر فتنادي الشجر إلا الغرقد فتقول يا عبد الله يا مسلم خلفي يهودي تعال فاقتله هذا أمر لا بد أن يكون والعاقبة جعل الله سبحانه وتعالى للمؤمنين جعلها الله للمتقين، واليهود أصحاب خوف وذعر وإنما يتقوون بغيرهم، وإلا كما قال الله عز وجل :{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ}
وقد ضرب الله عز وجل عليهم الذلة والمسكنة :{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)} آل عمران:112].
فالمسكنة مضروبة عليهم والذلة مضروبة عليهم :{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ }[الأعراف:167].
فهذا وعد من الله سبحانه وتعالى أنه سوف يسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة، وعد من الله سبحانه وتعالى لكن الله عز وجل يبتل المؤمنين في بعض الأوقات والأزمان، وإلا فإن الرفعة والمكان لأهل الإسلام والذلة والهوان للكافرين.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يدمر اليهود شر تدمير، اللهم عليك باليهود والنصارى ومن تآمر معهم على الإسلام والمسلمين، اللهم عليك باليهود والنصارى ومن تآمر معهم على الإسلام والمسلمين، اللهم عليك باليهود والنصارى ومن تآمر معهم على الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بأمريكا وعليك بدول الكفر أجمعين إنك على كل شيء قدير، اللهم دمرهم شر تدمير، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم واكف المسلمين شرهم، اللهم اجعلهم وما يملكون غنيمة للإسلام والمسلمين، اللهم اشفِ قلوب المؤمنين منهم، اللهم اشفِ قلوب المؤمنين منهم، اللهم اشفِ القلوب المؤمنين منهم فإنك على كل شيء قدير، اللهم احفظ إخواننا في بلاد فلسطين، اللهم احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، اللهم كن لهم ناصرا ومعينا، اللهم كن لهم ناصرا ومعينا، اللهم كن لهم ناصرا ومعينا، اللهم اشفِ مرضاهم، اللهم اشفِ مرضاهم وارحم موتاهم، اللهم افرج عنهم البلاء الذي نزل بهم، اللهم افرج عنهم البلاء الذي نزل بهم فإنك على كل شيء قدير، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.
فرغها أبو عبد الله زياد المليكي حفظه الله
رابط الخطبة بصيغة (pdf) :👇👇