*✍🏻بيانٌ شافٍ في رد شبهة التكبير الجماعي: الحذر من البدعة والتهور في الفتوى*
لقد اطلعت على بيان حول مسألة التكبير
الجماعي، وما تضمنه من محاولة لتأصيل هذه البدعة بما زعمه من أدلة. وإن هذا البيان
الذي نشره ليثير القلق ويستدعي وقفة علمية جادة لكشف التلبيس والباطل، وحماية
ديننا من كل ما يشوبه من بدع وأهواء.
إن الدعوة إلى التكبير الجماعي بهذه
الصورة التي يروج لها هذا وغيره ممن دأبوا تمييع أمور الدين وإدخال ما ليس في
الإسلام وإلباسه لباس الإسلام والسنة والحق لجرم كبير ينبغي الحذر والتحذير منه.
وإن بدعة الذكر الجماعي والقول بجوازها، هي مجانبة للصواب، ومخالفة لهدي السلف
الصالح، وفتح لباب البدع التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى من
بعده.
وإليك البيان العلمي الذي يفند شبهات هذا القول
المخذول ويجلي للقارئ الكريم بيان منهج السلف والفهم الصحيح للأدلة الشرعية:
١. حقيقة التكبير في الأعياد: شعيرة
فردية وليست جماعية.
إن التكبير في أيام العيد، سواء كان في
الفطر أو الأضحى، هو شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وهو ذكر لله تعالى. والأصل في
الأذكار الشرعية أنها تُؤدى على سبيل الفرادى، كل يكبر لنفسه ويجهر بصوته، دون
التواطؤ على صوت واحد أو نغمة معينة تُشبه الإنشاد الجماعي. هذا هو الميزان الشرعي
الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.
* الأدلة الشرعية على الذكر الفردي:
النصوص القرآنية والأحاديث النبوية
التي تحث على الذكر والتسبيح والتكبير كلها جاءت بصيغة تبرز الجانب الفردي للذكر،
مثل قوله تعالى: (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ
الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُن مِّنَ
الْغَافِلِينَ) [الأعراف: 205]. وإن كان هذا في غير الأعياد، إلا أنه يؤصل لمبدأ
أن الأصل في الذكر هو الخشوع الفردي. والأحاديث التي تحث على الذكر المطلق لم يرد
فيها ما يدل على مشروعية الذكر الجماعي المنظم بصوت واحد كما هو عمل الناس في آخر
الزمان ممن تأثر بألحان النصارى وتواشيح الصوفية وأذنابهم من أصحاب الاناشيد
والاغاني.
* هدي النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة: لم
يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام أنهم كانوا يجتمعون على
التكبير الجماعي بصوت واحد متناغم كما يحدث من جماعات الإنشاد أو الطبل والرقص في
المساجد ممن تأثروا بالنصارى. بل كانوا يجهرون بالتكبير كل لنفسه، فيرتفع الصوت
العام بالتكبير دون التواطؤ على أداء جماعي معين. وهذا هو الفرق الجوهري الذي يلبس
فيه هذا المخذول وغيره على الناس.
٢. تفنيد شبهات القول بالذكر الجماعي:
ما استدل به لا يخرج عن كونه تلبيسًا
وتأويلًا بعيدًا عن مقصود النصوص، وقلبًا للحقائق، وإليك تفنيدها:
* شبهة حديث أم عطية (يكبرن بتكبيرهم مع الناس):
هذا الحديث لا يدل على التكبير الجماعي المنظم بصوت واحد، بل يدل على أن النساء كن
يرفعن أصواتهن بالتكبير مواكبة لتكبير الناس. أي أن كل واحدة تكبر لنفسها، لكن في
نفس التوقيت الذي يكبر فيه الناس. وهذا يختلف تمامًا عن التكبير الجماعي الذي يكون
فيه التواطؤ على أداء صوتي واحد ومحدد. لو كان المقصود التكبير الجماعي المنظم،
لكان الأمر يحتاج إلى إمام أو قائد يوجه هذا التكبير، وهذا لم يثبت قط في سنة
النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عمل الصحابة.
* شبهة أثر عمر رضي الله عنه (ترتج منى
تكبيرًا): هذا الأثر لا يدل على التكبير الجماعي المنظم أيضًا. بل يدل على أن جميع
الناس كانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير كل لنفسه في الأسواق والمنازل والمسجد، مما
يؤدي إلى ضجيج عالٍ وارتجاج منى بأصوات التكبير. وهذا لا يعني أنهم كانوا يكبرون
بصوت واحد متوافق أو نغمة جماعية. فشتان بين اجتماع الأصوات الفردية وارتفاعها،
وبين الأداء الجماعي المنطوي على التواطؤ والتنظيم الصوتي الذي يشبه الإنشاد
والطرب.
* شبهة قول الشافعي (أحببت أن يكبر الناس جماعة
وفرادى): هذا القول من الإمام الشافعي رحمه الله يُفهم في سياق العموم والإظهار،
لا في سياق التنظيم واللحن الجماعي. فقوله: "جماعة" هنا تعني أنهم
يجهرون بالتكبير وهم مجتمعون، أي في الأماكن العامة، وليس بالضرورة أن يؤدوه
بطريقة جماعية منظمة. فالإمام الشافعي يتحدث عن إظهار الشعيرة، وهذا يتحقق برفع
الصوت بالتكبير سواء كان كل فرد يكبر لنفسه أو ضمن مجموعة ترفع صوتها بالتكبير
بشكل مستقل. ولا يوجد في كلامه ما يفيد التواطؤ على صوت أو نغمة واحدة.
٣. التهور في الفتوى وفتح باب البدع:
قول هذا المخذول بأن "عدم ثبوت
دليل المنع" هو مبرر للجواز، وقياسه على جواز رفع الصوت بالتكبير، هو تهور في
الفتوى وجهل فظيع بالضوابط الشرعية للآتي ذكره:
*أن الأصل في العبادات التوقيف:
القاعدة الفقهية الأصيلة تقول: "الأصل في العبادات التوقيف". أي أنه لا
يجوز إحداث عبادة أو هيئة عبادة إلا بدليل شرعي صحيح وصريح. وما لم يقم الدليل على
مشروعية التكبير الجماعي المنظم، فإنه يبقى على أصل المنع، ويكون بدعة محدثة. هذا
بخلاف رفع الصوت بالذكر، فقد وردت به الأدلة صراحة، وهذا متفق عليه.
* القياس الفاسد: قياس التكبير الجماعي على جواز
رفع الصوت هو قياس مع الفارق. فرفع الصوت مأمور به لإظهار الشعيرة، بينما الأداء
الجماعي المنظم هو هيئة معينة لم ترد في الشرع. القياس هنا يفتح بابًا واسعًا
للبدع، فلو جاز هذا بحجة أن "الأصل عدم المنع" لجاز لكل صاحب هوى أن
يأتي بعبادة جديدة أو هيئة مبتدعة بزعم أن الشرع لم يمنعها نصًا.
* موافقة أهل الطرب والإنشاد: من أخطر ما في هذا
القول أنه يوافق منهج أهل الإنشاد والطرب، من الروافض والمتصوفة وجماعات الطبل
والموسيقى، الذين عرفوا بإحداث الهيئات الجماعية والتلحين في الذكر، مما يخرج
الذكر عن كونه عبادة قلبية خاشعة إلى مجرد طقوس صوتية شبيهة بالغناء. هل يرضى هذا
المخذول أن يقترن تكبير العيد المقدس بأصوات الطبول والموسيقى التي يراها أهل
الإنشاد تكبيرا؟ إن هذا لتهور لا يليق بمسلم يخاف الله!.
٤. تحذير من زلازل البدع:
إن هذا النوع من الفتاوى المتهورة التي
تفتح باب البدع، هي بمثابة زلازل تهدم أركان الدين، وتفسد على الناس عقيدتهم.
فالعامي الذي لا يفرق بين الدليل الصريح والتلبيس، قد يغتر بهذا الكلام، ويظن أن
ما يفعله أهل البدع من تكبير جماعي على هيئة الإنشاد هو من الدين.
* التحذير من علماء السوء: لقد حذرنا النبي صلى
الله عليه وسلم من علماء السوء الذين يضلون الناس. وكلام المخذول لا يدل على ورع
في التفاصيل العلمية، بل على جهل فظيع عند الاستدلال، وجرأة على دين الله بغير
برهان صحيح.
* التفريق بين السنة والبدعة: إن أهل السنة
والجماعة دأبوا على التمييز الدقيق بين السنة والبدعة، والتمسك بما ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، والابتعاد عن كل ما لم يرد فيه دليل. فالسنة
هي النور، والبدعة هي الظلام. ومن أراد أن يخرج الأمة من الظلمات إلى النور، فعليه
أن يتمسك بالسنة وأن يحذر من كل بدعة.
نداء وتوجيه:
يا ساسة الأمة! ويا من تحملون هم
الدين! إننا في زمن كثرت فيه الفتن، وتجرأ فيه الجهال على دين الله. فعلينا أن
نكون على حذر شديد من مثل هذه الدعوات التي تهدف إلى تشويه نقاء الدين وإدخال ما
ليس منه. هل من رجل رشيد يدرك خطورة هذا الأمر؟ هل من عالم رباني يتصدى لمثل هذه
الشبهات بكل قوة ووضوح؟
نسأل الله تعالى أن يحفظ ديننا من كيد
الكائدين وتلبيس الملبسين، وأن يردنا إلى الحق رداً جميلاً.
كتبه/
أبو محمد طاهر السماوي وفقه الله
٨ من ذي الحجة ١٤٤٦ هجرية.
رابط تحميل الملف pdf👇👇
════ ❁✿❁ ════
قناة التليجرام
https://t.me/taheer77
════ ❁✿❁ ════
قناة الواتساب
https://whatsapp.com/channel/0029VaZw3Y5HbFUzMEIXOv1y
*✍ إنشـــر.فنشر.العــلم.من.أجل.القربـــات.ms*