بسم الله الرحمن الرحيم
الإخونج والحج
حين يتحوّل الحقد الحزبي إلى خطاب سياسي ضد شعيرة ربانية
مشهد يعيد إنتاج خطاب الفتنة بأقبح صوره، أطلّت علينا فلول التيار الإخونجي – من بقايا التنظيم، وشظايا الثورة، وأبواق التهييج – لتطعن في أمن الحج، وتشكك في حرمة البلد الحرام، وتروّج بوقاحة لا نظير لها أن موسم الحج لم يعد آمنًا، في محاولة مفضوحة لتشويه شعيرة هي من أعظم شعائر الإسلام.
قال الله تعالى: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97]، وقال سبحانه: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا} [القصص: 57]، أفبعد هذا يأتي من يدعي الانتساب للإسلام ليلقي على هذا الحرم المبارك ظلال الشك والتهويل والاتهام؟!
*بين أمن الحجاج… وأحقاد التنظيم*
لمن لا يعرف؛ فإن فلول الإخونج لم يهاجموا موسم الحج بدافع الحرص على الحجيج، ولا غيرة على الدين، وإنما بدافعٍ خبيثٍ قديم: معاداة كل ما يعزز وحدة الأمة، وكل ما يحبط مشاريعهم الحزبية التي طالما أرادت تحويل الحج إلى منبر سياسي حزبي لا صلة له بالعبودية لله.
لقد اعتادوا تسييس كل شيء: العبادة، الشعائر، الخطب، المساجد، وحتى الموت نفسه… فهل يُستغرب بعد ذلك أن يسخروا من أمان موسم الحج؟!
*الواقع أبلغ من أكاذيبهم*
في كل عام، وبإشراف من بلد التوحيد ومعقل الإسلام والسنة ، يؤدي ملايين المسلمين من مختلف أرجاء الأرض حجهم في أمن وسكينة، بتنظيم غير مسبوق، وخدمات متطورة، وأجواء روحانية لا يمكن وصفها إلا بأنها تجسيد حي لقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}.
فأين هي الفوضى التي تتحدثون عنها؟
وأين هو الخوف الذي تروجونه؟
وأين هي الاعتقالات الجماعية التي تهددون بها في خطابكم الثوري المهترئ؟
*المشروع البديل… الحج الثوري!*
لا تخفى على أحد الخلفية الأيديولوجية لهذه المزاعم. إنهم يكررون خطاب “الحج الثوري” الذي ابتدعه الخميني يوماً، وسوّقه الحوثي لاحقًا، وها هم الآن يعيدونه بلسان إخونجي مفضوح، وكأن الحرم يجب أن يكون ميدانًا للاعتصامات والمظاهرات والصراع السياسي، لا ساحة للتوبة والذكر والانقياد لله!
ألم تكن تجربة جهيمان، وفتن الحرم، ودعوات “الثورة في منى”، كلها من إنتاج الفكر ذاته؟
ألم يكن سيد قطب هو أول من مهّد لتكفير المجتمعات ونسف استقرارها من الداخل؟
وهل ننسى أن جهيمان نفسه كان ثمرة متطرفة من شجرة الخلط بين الدين والثورة؟
*الحج عبادة… لا منصة خطاب حزبي*
الحج عبادة تعبدية محضة، تُحيي في الأمة روح التوحيد والتجرد من الهوية الحزبية والرايات الدنيوية، وتجمع الناس تحت شعار "لبيك اللهم لبيك"، لا "لبيك يا مرشد" أو "لبيك يا حزب"!
ولهذا يكرهون الحج… لأنه يُذيب شعاراتهم، ويعرّي شعبيتهم، ويُسقط أوهام “الجماهير الثائرة” التي طالما كذبوا بها على الناس.
ختامًا: لا لتسييس الحرم… ولا للعبث بالشعائر
نقولها بكل وضوح:
من أراد الإصلاح ؛فليبدأ بنفسه،ومن أراد الانتقاد؛ فليكن بمنهج شرعي وبنية صافية،أما أن تُستغل شعيرة الحج للطعن في أمن الأمة وزعزعة الثقة في المقدسات، فذاك مسار الخيانة لا النصيحة.
إن الطعن في أمن الحج ليس معارضة سياسية… بل جريمة شرعية تُدين صاحبها قبل أن تُقنع متابعًا واحدًا.
واخيرا :الإخونج والحج… عنوان يختزل الصراع بين عبودية التوحيد وعبودية الحزب، بين سكينة الحجيج وفتنة الضجيج ، بين لبيك اللهم لبيك… ولبيك يا مشروع الخراب.
كتبه حامدا ومصليا ومسلما
الدكتور سليم بن عيد الهلالي
تلميذ الامام الالباني رحمه الله
١٤٤٦/١٢/١٠هجري