تفريغ
خطبة
جمعة قيمة جداً بعنوان:
*🌿«فتح البر
ببعض أسباب شرح الصدر»🌿*
*لفضيلة
الشيخ الوالد أبي محمد عبد الحميد بن يحيى الزُّعكري حفظه الله تعالى ورعاه*
🤲🏻نسأل
الله أن ينفع بها
إن الحمد
لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من
يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله صلى الله عليه وسلم تسليما
كثيرا
﴿'يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)'﴾ [سورة آل عمران]
﴿' يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)'﴾ [سورة النساء]
﴿'يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠)'يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)'﴾ [سورة الأحزاب]
أما بعد
فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الأمور
محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
﴿'إِنَّ مَا
تُوعَدُونَ لَآتٍ ۖ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾
عباد الله يقول ربنا سبحانه وتعالى﴿'وَنَزَعْنَا
مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾
الجنة
دار السلامة دار الأمن والأمان دار الإطمئنان ﴿لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ
يَحْزَنُونَ﴾
دار
الدوام﴿'خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾
الدار
التي لا يُمنع ساكنها من شيء منها﴿'لَا،
مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣)'﴾ [سورة الواقعة]
ومن أعظم
نعيمها ما أذهب الله عز وجل من صدورهم ومن قلوبهم من الخوف من الحزن من الغل من
ضيقة الصدر إلى غير ذلك بينما الدنيا بعكسها كثير من الهموم والغموم والأحزان تقع
في هذه الدنيا صاحب المال يعاني والصحيح يعاني والسقيم يعاني والرجل والمرأة الكل
يعاني ليس فيها استقرار ولا طمأنينة ولا راحة ولذلك قال النبي صلى الله عليه
وسلم«ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا
أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن
خَطَايَاهُ»رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه
دلالة
"الحديث" أن المسلم محاط بهذه الأمور
التي تؤذيه وتقلقه وتتعبه وتنصبه قال الله عز وجل في شأن أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾
يعني وصف
عظيم لشدة ضيق الحال كثير منا قد حزن قد كُرب قد خاف قد هم لكن لم تبلغ القلوب
"الحناجر" وأولئك ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾
بحيث أن
أحدهم لم يبقى عنده أمل في السلامة في النجاة في غير ذلك وأردفها
بقوله﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾
﴿'هُنَالِكَ
ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (١١)'} [سورة الأحزاب]
والخروج
من هذا الحال بيد الملك المتعال سبحانه وتعالى
امْتَنَّ
على نبيه بقوله ﴿' أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)'﴾ [سورة الشرح]
ولذلك
كان النبي صلى الله عليه وسلم في أشد ما يكون من الحال وهو على ثبات وطمأنينة
وسكينة واستبشار وأول مطلب يطلبه موسى حين أمر بالرسالة والبلاغ ﴿رَبِّ اشْرَحْ
لِي صَدْرِي﴾
لأن سير
الحياة وطمأنينة الحياة والراحة بهذه الحياة مع "شرح الصدر" وكان من
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم«واسلُلْ سَخيمةَ قلبي»أخرجه أبو داود والترمذي عن
عبدالله بن عباس رضي الله عنهما
لأن
القلب إذا بقي مع سخيمته وما يؤذيه وما يتعبه وما يقلقه لم يتمتع صاحب الصحة،
بصحته ولا صاحب، المال بماله ولا صاحب الجاه، بجاهه ولا الشاب، بشبابه ولا المتزوج
بزواجته، ولا المتمكن بتمكينه الجميع في شدة وضيق إن لم يشرح ربنا عز وجل الصدور
فلذلك
علينا أن نعتنى بصدورنا وأن ندعو الله عز
وجل بشرحها
وبطمأنينتها
وبسلامتها فإذا استجاب الله عز وجل لك ذلك صار الشأن عندك على أحسن ما يكون من
الحال في شدة أو رخاء في عسرٍ أو يسر في جميع الأحوال شرح الله لك صدرك ويسر الله
لك أمرك وأذهب ما يحزنك وما يُقلقك وما يؤذيك ومن أعظم أسباب "شرح
الصدر" حسن الظن بالله قال النبي صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ
رَبِّهِ"«أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء»
فمن كان
ظنه بالله عز وجل الظن الحسن شرح الله له صدره ويسر الله له أمره،
ومن
أسباب شرح الصدر الدعاء بشرحه بطمئنانه كما دعاء موسى عليه السلام
ومن
أسباب شرح الصدر التوحيد وإفراد الله بما
يجب له لأن من وحد الله علم أن الأمر لله وعلم أن السلامة من الله وعلم أن الأجر
على ما ينوبه من الله فعند ذلك ينشرح صدره ومن أسباب شرح الصدر طلب
"العلم" فإن طلب العلم تنشرح به الصدور وتزول به الهموم ويعلم الإنسان
ما يُقربه إلى الله فيعمل به ومن يبعده من الله فيجتنبه،
ومن
أسباب شرح الصدر ملازمة المساجد لا سيما في الصلوات المكتوبات فإنه ترفع له
الدرجات في ذهابه وإيابه وفي جلوسه وقعوده قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا
يَزالُ أحَدُكُمْ في صَلاةٍ ما دامَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ،» رواه البخاري عن أبي
هريرة رضي الله عنه
ومن
أسباب شرح الصدر مجالسة الصالحين فإنك تسمع منهم الخير والتوجيه وتنال منهم
الدعاء،
ومن
أسباب شرح الصدر الإكثار من ذكر الله عز وجل ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ﴾
ومن
أسباب شرح الصدر قراءة القرآن فإن الله عز وجل جعله شفاء ورحمة ﴿'وَنُنَزِّلُ مِنَ
الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ۙ
وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)'﴾ [سورة الإسراء]
والحمد لله
الخطبة الثانية:
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسوله وصفيه ومجتباه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
فإذا شرح
الله لك صدرك ويسر لك مع ذلك أمرك فأنت السعيد في دنياك وأُخراك
ولهذا
امتن الله على نبيه بهذا
﴿'
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)'وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢)'الَّذِي
أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣)'وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)'﴾ [سورة الشرح]
ومن
أسباب شرح الصدر التوبة إلى الله عز وجل فإن من أعظم أسباب قسوة القلوب وضعف
القلوب في توكلها واعتمادها على علام الغيوب لهي الذنوب والمعاصي التي أثقلت الأمة
وأتعبت الأمة ﴿'وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)'﴾ [سورة الشورى]
ومن
أسباب شرح الصدر الاحتساب لما يناله العبد في هذه الدنيا ويرجو من الله عز وجل حسن
المآب فإن الإنسان إذا شعر أنه يؤجر على حزنه على فرحه الشرعي على ترحه على نفقته
على مجالسته على جميع شأنه لله ومع الله وفي الله إن شرح صدره وصلح أمره غفر الله
لنا ولكم وللمؤمنين والحمد لله رب العالمين
