قناة أبي عبد الله زياد المليكي، [09/10/2024 14:11]
خطبـــــة جمعــــة بعنوان
إرشاد الجهال وتنبيه العقال
بأن الآخرة هي دار القرار والدينا دار وهم وخيال
للأخ أبي النصر ماجد بن حميد مهيوب الهناهي.
✍ *فرغها يراع الأخ المفضال الداعي إلى الله تعالى أبي عبد الله زياد المليكي حفظه الله ونفع به*
🤲 نسأل الله أن ينفع بها.
*•┈┈┈┈•◈◉✹❒❁❒✹◉◈•┈┈┈•*
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [ آل عمران : 102] .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
⚫ معاشر المؤمنين عباد الله:
لقد قضى ربنا جل وعلا قضاء لا يبدل وحكم سبحانه وتعالى حكما عادلا لا ينقض أن هذه الحياة الدنيا لا تبقى لأحد ولا يبقى عليها أحد ، فهي راحلة فانية ومن عليها يفنى ولا بد من زوالها وزوال ما فيها والآخرة خير وأبقى
🌴 كما قال سبحانه وتعالى:*{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)}*
[الرحمن:26،27].
🌴 وقال سبحانه وتعالى:
*{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}*
[القصص:88].
🌴وقال سبحانه وتعالى :
*{مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ}*
[النحل:96].
✍🏻 آدنيا خير أم الآخرة أيها الناس ؟
لا يصح أن يترك الجواب في هذه المسألة إلى البشرية إذ البشرية اليوم من نظر في واقعها فإن لسان حالها يقول: الدنيا أفضل من الآخرة، وذلك لانشغالهم بها عن الله والوقوف بين يديه يوم القيامة
🤚🏻 ولكن يترك الجواب في هذه المسألة العظيمة إلى خالق الدنيا والآخرة، فهو الذي يعلم ما لكل واحدة من حقها ومستحقها،
🌴قال ربنا جل وعلا :
*{وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32)}*
[الأنعام:32].
🌴وقال ربنا جل وعلا في كتابه الكريم:
*{وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)}*
[العنكبوت:64].
🌴وقال جل من قائل في كتابه الكريم:
*{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (17)}*
[الأعلى:16،17].
🌴وقال سبحانه وتعالى :
*{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}*[الجمعة:11].
*لا تركنن إلى الدنيا وما فيها*
*فالموت لا شك يفنينا ويفنيها*
*واعمل لدار غدا الملك خازنها*
*الجار أحمد والرحمن بانيها*
*قصورها ذهب المسك طينتها*
*والزعفران حشيش نابت فيها*
*أنهارها لبن مصفى ومن عسل*
*والخمر تجري رحيقا في مجاريها*
*والطير تجري على الأغصان عاكفة*
*تسبح الله جهرا في مغانيها*
*لا من يشتري الدار بالفردوس يعمرها*
*بركعتين في ظلام الليل يحييها.*
☝🏻 والذي لا إله إلا هو ولا رب سواه ما علم بحقيقة الآخرة وأيقن هذه القضية حق اليقين إلا أهل الإيمان الصادق الذين إليها يسارعون وفيها يتنافسون ولهذه الدنيا الفانية الحقيرة وراء ظهورهم يتركون،
وقد ذكر الله عز وجل هذا الصنف المؤمن الصادق الذي عرف الآخرة فشمر لها ونافس فيها وسارع إليها،
ذكرهم الله في عدة مواضع من كتابه فمن ذلك قول الرب في وصف هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين شمروا عن ساعد الجد لآخرتهم وتركوا الدنيا محطة عبور للتزود إلى الآخرة
🌴قال جل من قائل:
*{تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16)} *[السجدة:16].
فالله عز وجل أخبر أنهم في الليل يتهجدون قد فارقوا فرشهم ولذيذ النوم في ليلهم حين ينام الناس، وأنهم في النهار من خالص أموالهم يتصدقون، حين بخل الناس بأموالهم
وما يفعلون ذلك إلا خوفا من عذاب الله وطمعا في الأجر والثواب من ربهم الوهاب الذي يعطي الصادقين المؤمنين الأجر من غير عد ولا حساب،
فانظر كيف وصفهم الله أنهم لا يعملون لدنياهم وإنما يسخرون هذه الدنيا لآخرتهم، فهم يقومون الليل في حين صار الناس ينامون الليل من أجل أن يستغلوا بنومهم هذه الدنيا الفانية، فلا إله إلا الله ما أعظم صدقهم وإيمانهم.
*لله قوم أخلصوا في حبه*
*فأحبهم واختصهم خداما*
*قوم إذا جن الظلام عليهم*
*باتوا هنالك سجدا وقياما*
*يتلذذون بذكرهم في ليلهم*
*ونهارهم لا يبرحون صياما.*
🌴وقال سبحانه وتعالى في وصفهم:
*{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)}*
[الذاريات:15،19].
*ألا يا عين ويحك أسعديني*
*بطول الدمع في ظلم الليالي*
*لعلك في القيامة أن تفوزي*
*بخير الدهر في تلك العلالي.*
🌴وقال الله جل وعلا في وصفهم أيضا:
*{إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}*[المؤمنون:57،61].
فأخبر الله عز وجل أنهم يخشونه حق خشيته، فحملتهم هذه الخشية على العمل الصالح والإقبال على الدار الآخرة ، وعلى الإيمان به سبحانه والعمل في مرضاته مع خوف قلوبهم ألا تقبل منهم أعمالهم التي عملوها من الصالحات،
وهكذا لم يعجبوا بأعمالهم بل انكسرت أنفسهم تواضعا لربهم ولأجل ذلك استمروا في المسارعة إلى الخيرات.
*يا نفْسُ فازَ الصالحون بالتُّقَى*
*وأبصَروا الحقَّ وقلبي قد عَمِىِ*
*يا حُسْنَهم والليلُ قد أجَنَّهُمْ*
*ونورُهم يفُوقُ نورَ الأنْجُمِ*
*تَرَنَّموا بالذِّكْر في لَيْلِهُمُو*
*فَعَيْشُهم قَدْ طابَ بالتَّرنُّمِ*
*قلوبُهُمْ للذِّكْرِ قَدْ تَفَرَّغتْ*
*دمُوعُهم كلُؤْلُؤٍ منْتَظِمِ*
*أسْحارُهُمْ بنورِهِمِ قَدْ أشْرَقَتْ*
*وخِلعُ الغفرانِ خَيْرُ القِسَمِ*
*قَدْ حَفِظوا صيامَهُم من لَغْوهِم*
*وخَشَعُوا في الليلِ في ذِكْرِهِمِ*
*ويْحَكِ يا نفسُ أَلاَ تَيَقَّظِي*
*للنَّفْعِ قبلَ أنْ تَزِلَّ قَدمِي*
*مضى الزَّمانُ في تَوَانٍ وَهَوى*
*فاسْتَدْرِكِي ما قَدْ بَقِي واغْتَنِمِي.*
🌴ولهذا قال الله فيهم :*{أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}*[المؤمنون:61]
لا يتركون بابا من أبواب الخير إلا ولجوه،ولا بابا من أبواب الشر إلا أغلقوه، بالتوبة إليه والمسارعة إليه إنابة وتوبة،
🌴قال ربنا :
*{وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)}*
🫵🏻من هم هؤلاء المتقون ؟
*{الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)}*[آل عمران:133،136].
*أبت نفسي تتوب فما احتيالي*
*إذا برز العباد لذي الجلال*
*وقاموا من قبورهم سكارى*
*بأوزار كأمثال الجبال*
*وقد نصب الصراط لكي يجوزوا*
*فمنهم من يكب على الشمال*
*ومنهم من يساق لدار عدن*
*تلقاه العرائس بالغوالي*
*إذا مد الصراط على جحيم*
*تصول على العصاة وتستطيل*
*فقوم في الجحيم لهم ثبور*
*وقوم في الجنان لهم مقيل*
*يقول له المهيمن يا ويلي*
*غفرت لك الذنوب فلا تبالي*
*وبان الحق وانكشف الغطاء*
*وطال الويل واتصل العويل.*
⚫عباد الله:فلا ينجي من عذاب الله ولا يفوز العبد بجنة عرضها السماوات والأرض إلا بالإقبال على الله جل وعلا توحيدا وإخلاصا، واتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
🌴 *{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}*[المؤمنون:1،11].
الله أكبر معاشر المؤمنين :هكذا وصف الله عباده المؤمنين الصادقين الذين عرفوا الآخرة حق معرفتها
فجعلوا الدنيا محطة للتزود إليها،فإن السفر طويل والزاد قليل والعقبة كؤود ولا تقطعوا إلا بالمسارعة إلى الله،
🌴 *{ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين}*
🌴قال الله جل وعلا :*{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)}*[البلد:11،18].
🌴قال الله في هؤلاء:*{أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}*
ما كانوا يسارعون إلى مباريات كرة القدم، ولا إلى الملهيات والمغريات، ولا إلى مجالس اللهو واللعب،ولا إلى السهرات المحرمة، ولكن يبادرون إلى الله توبة وإنابة .
*قدم لنفسك توبة مرجوة*
*قبل اللحود وقبل حبس الألسن*
*بادر بها غلق النفوس فإنها*
*ذخر وغنم للمنيب المحسنين. *
أقول ما تسمعون وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي الى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مزيدا.
⚫معاشر المؤمنين عباد الله :
☝🏻 والله ما دعانا ربنا جل وعلا إلى الآخرة الباقية إلا لنعيش في حقيقة واقعية،
فإنه سبحانه وتعالى هو الحق،
وكتابه حق،
والنبيون حق،
والموت حق،
والبعث والنشور حق،
والجنة حق،
والنار حق،
فمن أقبل على الباقية جعله في جناته جنات النعيم ،
🔥 وما دعانا الشيطان الرجيم عليه لعائن الله إلى هذه الدنيا والانشغال بها عن الآخرة ولقاء الله إلا لنعيش في خيال ووهم وظنون حتى نخسر الدنيا والآخرة،
🌴 قال الله جل وعلا مخبرا عن الشيطان وحزبه،:
*{أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ}*[البقرة:221].
▪️فدعانا إلى الحقيقة لأن الجنة حق،
وما وعد به حق، وثوابه الكريم حق،
▪️وما دعانا الشيطان وحزبه إلى هذه الدنيا إلا لنخسر الجنة ونكون من أهل النار،
🔸 ولهذا إذا ذهبت الدنيا وأقبلت الآخرة وخرج الناس من قبورهم وحشروا بين يدي ربهم ونصبت الموازين ونشرت الصحائف ورأى كل منهم سبيله أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار،
🔥 فهناك عباد الله ينتصب الشيطان عليه لعائن الله في نار جهنم خطيبا بمن اتبعه ويخطب بهم مبينا لهم أنه ما دعاهم إلا إلى خيال، وأن الله كان قد دعاهم إلى الحق،
🌴قال الله جل وعلا في كتابه الكريم :
*{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)}*[إبراهيم:22].
فبين لهم أنه وعدهم ومناهم وغررهم بهذه الدنيا لينشغلوا بها عن آخرتهم والعياذ بالله،
🌴 *{لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)}*[النساء:118،122].
فعجبا لك يا ابن آدم كيف مشيت وراء خطوات الشيطان ليعيشك في وهم وخيال وتكون في الآخرة من الخاسرين،
▪️ والذي دعاك دعوة الحق وأبان لك أنك إن عملت فلك الجنة إنصرفت عن الحقيقة التي دعاك إليها وكنت في طريق الشيطان طريق الوهم والخيال،
🌴قال الله محذرا من خياله وآمرا بأن تعيش من أجل الحقيقة التي أمرك الله بها فقال:
*{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)}*
[فاطر:1،5].
▪️ فيا صاحب الدنيا ستفيق عند سكرات الموت وستعلم حينها أنك كنت في خيال، وفي أضغاث أحلام، وفي طيف زار في منام، صرفك عن طاعة الملك العلام، وعن التمسك بالسنة والكتاب والسير على منهج محمد عليه الصلاة والسلام، بفهم السلف الكرام،
▪️ فالدنيا فانية عباد الله فاعرفوا حقها، فهي لا تستحق أن تُجعلَ نصب أعيننا بل محطة لنتزود منها إلى لقاء ربنا سبحانه وتعالى، فلا يغرنا فيها عن الله الغرور وهو الشيطان عليه لعائن الله،
🔸 فكونوا من أهل الإيمان الصادقين الذين عرفوا حقيقة الدنيا فتركوها وراء ظهورهم،
🔸وعرفوا الباقية التي لا تزول ولا تتبدل ولا تحول، فعملوا لها لأنها الباقية الثمينة النفيسة،
*فهذا الحق ليس به خفاء*
*فدعني عن بنيات الطريق. *
🤲🏻 اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت ألا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى والرضا، اللهم لا تتوفنا إلا وأنت راض عنا، اللهم أقبل بقلوبنا على البر والتقوى وعلى السنة والهدى، اللهم اصرف عنا وساوس الشيطان ونزغاته ونفثاته، اللهم أقبل بقلوبنا على كتابك وسنة نبيك واجمع أمة محمد على الحق والهدى يا رب العالمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وانصر الإسلام والمسلمين واخذل أعداءك أعداء الدين من اليهود والنصارى والمشركين، اللهم لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم عظة وعبرة وآية، اللهم اجعل تدبيرهم تدميرا عليهم يا قيوم السماوات والأراضين، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين في أرض غزة وفلسطين وسائر المعمورة، اللهم من أراد بهم كيدا اللهم اشغله في نفسه اللهم اجعل تدميره في تدبيره، اللهم فرجك العاجل لهم، اللهم فرجك القريب لهم، اللهم من أرادنا وديننا وكتابنا وسنة نبينا وعقيدتنا بسوء اللهم اشغله في نفسه اللهم بور مكره اللهم فشل خططه اللهم اغري العداوة والبغضاء بينهم ونجي عبادك الصالحين أينما كانوا، وسبحانك ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.