بسم الله الرحمن الرحيم
الرد المفحم على الأحاديث الضعيفة حول #مقتلة_غزة واستغلالها في خطاب حماس:
أولاً: مقدمة:
في خضمّ الآلام والمآسي التي يعيشها أهل غزة، يلجأ بعضهم – عن حسن نية أحيانًا، أو لأغراض سياسية أحيانًا أخرى – إلى ترويج روايات تنسب للنبي صلى الله عليه وسلم تزعم نبوءته بـ"مقتلة غزة" وفضل شهدائها، ويركزون على منطقة عسقلان وكون غزة كانت جزءًا منها. والهدف من ذلك غالبًا: تسويغ المذبحة ،ورفع الحرج عن المتسبب بها، وتمرير خطاب العجز والخذلان، بل والتوظيف السياسي للموت والدماء والخراب .
لكن الواجب الشرعي والشرعي فقط – لا السياسي ولا الحزبي – أن نعرض هذه الروايات على ميزان الحديث الصحيح، لا على أهوائنا أو مشاعرنا. فالصدق مع الله ومع الأمة يقتضي كشف الحق، لا الاتجار به.
ثانيًا: بيان حال الأحاديث المذكورة:
1. حديث: "عسقلان أحد العروسين..."
ضعيف جداً ،وأسلوبه أسلوب القصاص وليس عليه نور النبوة.
2. حديث: "يفتتحها ناس من أمتي، يبعث الله منها سبعين ألف شهيد..."
حديث لا يصح؛ فلا يحتج به، ولا يصلح أن يبنى عليه فضل موهوم أو استدلال غيبي على واقع دموي.
3. حديث: "عليك بجبل الخمر... تلك مقبرة تكون بعسقلان"
هذا حديث مرسل ،واسناده ضعيف؛ فإن عطاء لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، والمرسل من أقسام الحديث الضعيف، لا تقوم به حجة، ولا يفرح به .
وهذه الأحاديث لا تتقوى بكثرة الطرق، بل كثرتها تدل على ضعفها، وأنها مصنوعة ،ولذلك ذكر أكثرها ابن الجوزي في كتابه "الموضوعات "!.
ثالثًا: تفنيد الاستدلال بها على "مقتلة غزة":
1. غياب الدليل الصريح: لا يوجد حديث صحيح واحد عن "مقتلة غزة"، أو أنها ستكون موطن ذبح ومذابح للمسلمين، فضلاً عن أن ذلك من الغيب الذي لا يعرف إلا بوحي صحيح، وما لم يثبت عن المعصوم ؛فهو مردود.
2. توظيف حزبي للدماء: تستغل حركة حماس وأتباعها هذه الأحاديث لصناعة مجد وهمي فوق جماجم الأطفال، وترويج فكرة أن الشهداء يذهبون إلى الجنة جماعات؛ لتسويغ استمرار سياستها في تحدي العالم دون عدة أو إعداد، ثم تلقي المسؤولية على الأمة، بينما هي تتلطّى خلف مقاومة عاجزة أو مشبوهة.
3. تغييب السنن الشرعية للنصر: الانتصار لا يكون بالعاطفة أو الدماء المنثورة، بل بتحقيق شرط النصر: التوحيد، الاستعداد، الوحدة، واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما لا تلتزم به حماس، بل ترفع راية إيران الرافضية وتسير خلف الخميني الاب الروحي لها كما صرح خالد مشعل أحد قادتها ، وتعادي أهل السنة والجماعة بل تكفرهم كما صرح بذلك محمود الزهار منظرهم التاريخي ، وتستهين بسفك الدماء.
رابعًا: خطورة هذه الروايات على الأمة:
أ-تصنع البلادة الشعورية تجاه المجازر: فإذا كانت مذابح غزة "موعودة نبوية"، فلمَ الغضب أو التحرك؟!
ب-تبرر العجز والتقصير السياسي والعسكري: إذ يتحول الفشل إلى "كرامة"، والدم إلى "عسل".
ت-تصنع انقسامًا بين الأمة: فبدل توحيد الصف ضد الاحتلال، تستخدم هذه الروايات ؛لتخدير الشعوب وتمجيد فصيل دون مساءلة.
خامسًا: كلمة ختام لأخواننا الأحباء من اهل غزة الصادقين:
يا أهل غزة! أنتم لستم وقودًا لأطماع الفصائل، ولا أكباش فداء لتجار المقاومة! إن شهيدكم عند الله – إن صدق – له كرامة عظيمة، ولكن لا تسمحوا بأن تستخدم جثثكم أوراقًا تفاوضية، أو يروج لموتكم باعتباره "فتحًا مبينًا" بينما العدو يرتع، ويحتفل، ويخطط.
الحق ما وافق الشرع، لا ما راق للشعراء والخطباء.
نسأل الله أن يرحم الشهداء، ويكشف الغمة، ويرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وأن يفضح كل من استغل الدين ؛لتسويق الدم، أو اتخذ من أحاديث الضعفاء ذريعة لاستمرار الذبح باسم النصر الموهوم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه حامداً مصليًا ومسلمًا
الدكتور المحدث سليم بن عيد الهلالي
تلميذ الشيخ الامام الالباني
ليلة الثلاثاء ١٤٤٦/١٠/٢٢هجرية