خطبة
جمعة مفرغة بعنوان:
مواطن
الصلاة على رسول الله
صلى
الله عليه وسلم
للشيخ
الفاضل أبي عبد الله
عبد
الرحمن بن عبد المجيد الشميري
حفظه
الله
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
[آل عمران: 102]
﴿يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
[النساء: 1]
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾
[الأحزاب: 70، 71]
أما
بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر
الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أيها
الناس: كنا قد وعدناكم في الخطبة الماضية أن نتكلم حول مواطن الصلاة على رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم، وها نحن إن شاء الله نفي بهذا الوعد في هذه الخطبة،
فنسأل الله عز وجل الإعانة والتوفيق.
أول
هذه المواطن وهو أهمها وآكدها وأفضلها في آخر الصلاة بعد التشهد، سواء الأول على
القول الصحيح وكذلك أيضا التشهد الأخير، والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد في
مسنده من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سمع
رجلًا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ولم يصل على النبي صلى الله عليه وآله
وسلم فقال له : عجلت أيها المصلي، ثم علمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
وسمع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رجلًا يصلي مجد الله وحمده وصلى على رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ادع تجب وسل
تعط،)
فهذا الحديث يدل على مشروعية الصلاة على رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد التشهد سواء الأول أو الأخير، وأن ذلك سببًا
لإجابة الدعاء لمن فعل ذلك ثم دعا فإن الله عز وجل يستجيب دعاءه.
الموطن
الثاني: قبل الدعاء خارج الصلاة، يشرع لك أن تبدأ بالثناء على الله ثم تصلي على
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن ذلك سببًا لإجابة دعائك، روى الترمذي في
سننه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنتُ أصلِّي فلمَّا جلستُ بدأتُ
بالثَّناءِ على اللَّهِ تعالى ثمَّ بالصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ
وآله وسلَّمَ ثمَّ دعوتُ لِنفسي فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وآله وسلَّمَ
سَل تُعطَه سَل تُعطَه.)
يعني
بمعنى أنك إذا سألت الله عز وجل بعد هذا فإن الله سيعطيك سؤالك، لأنك قدمت الثناء
على الله جل وعلا بحمده وتمجيده، ثم ثنيت بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، ثم دعوت لنفسك فإن الله عز وجل يعطيك سؤلك.
الموطن
الثالث من مواطن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد التكبيرة
الثانية من صلاة الجنازة، روى إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم، وابن الجارود في المنتقى بإسناد صحيح عن أبي أمامة بن سهل بن
حنيف رضي الله عنه وعن أبيه أنه قال: من السنة في صلاة الجنازة أن تقرأ بفاتحة
الكتاب أي بعد التكبيرة الأولى، وتصلي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي
بعد التكبيرة الثانية، ثم تخلص الدعاء للميت حتى تفرغ ولا يقرأ إلا مرة واحدة
ويسلم في نفسه، هذا هو سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة الجنازة،
والصحابي إذا قال من السنة فالصحيح من أقوال أهل العلم وهو قول الجمهور أن له حكم
رفع .
الموطن
الرابع من مواطن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان : فإنه
يشرع لك إذا سمعت المؤذن أن تقول كما يقول، ثم تصلي على رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، ثم تسأل الله له الوسيلة، روى مسلم في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو
بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
"إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا
عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا،
ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا
تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن
سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ.
الموطن
الخامس من مواطن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عند اجتماع القوم
في أي مجلس من المجالس قبل تفرقهم، فقد ثبت عند الإمام أحمد، من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" ما قعدَ قَومٌ
مَقعدًا لا يذكرونَ اللهَ عزَّ وجلَّ ويصلُّونَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وآله
وسلم؛ إلَّا كان عليهِم حسرةً يومَ القيامةِ، وإن دخلوا الجنَّةَ للثَّوابِ.
أي
أنهم يتحسرون على ما فاتهم من الثواب وإن دخلوا الجنة، يتحسرون على ما فاتهم من
الثواب ثواب الذكر ثواب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وثبت عند
أبي داود الطيالسي رحمه الله من حديث جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قال:" ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر لله وصلاة على رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا قاموا عن أنتن جيفة.
الموطن
السادس من مواطن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عند ذكره صلى الله
عليه وآله وسلم، فقد ثبت عند الإمام أحمد من حديث الحسين بن علي رضي الله عنه، أن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي. *
وثبت
أيضا عند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم قال:" رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي.
وثبت
عند البخاري في الأدب المفرد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن جبريل قال للنبي
صلى الله عليه وآله وسلم : من ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين، وهذا يدل على وجوب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم عند ذكره، وهذا هو القول الصحيح من أقوال أهل العلم أنه يجب عند ذكر النبي
صلى الله عليه وآله وسلم أن تصلي عليه، اللهم إلا في مواطن لا يشرع فيها ذلك مثلا
عند سماع الآية إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليمًا سمعتها أو قرأتها وأنت تقرأ القرآن لا يشرع لك ذلك لماذا؟ لأن
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك، عند الأذان عند أن
يقول المؤذن أشهد أن محمدًا رسول الله هنا لا يشرع أيضا لا للمؤذن ولا للسامع لأنه
لم يرد، وهكذا في خطبة الجمعة على الصحيح
من أقوال أهل العلم ونحو ذلك، وأما ما عدا
ذلك فيجب أن تصلي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلما ذكر، لأن الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم دعا برغم الأنف على من لم يفعل ذلك، ووصف من فعل ذلك بالبخل،
وتوعد بالنار والإبعاد وكل هذا يدل على الوجوب، هذا ما تيسر ذكره في هذه الخطبة
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لطاعته وأن يجنبنا معصيته.
الخطبة الثانية:
الحمد
لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد
أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى
يوم الدين، أما بعد:
الموطن
السابع من مواطن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا اليوم
المبارك يوم الجمعة، فإنه يشرع فيه الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أوس بن أبي أوس رضي الله تعالى
عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :" - إنَّ من أفضلِ
أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ
الصَّعقةُ فأكْثِروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ قالَ
قالوا يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرِمتَ - يقولونَ بليتَ
- فقالَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حرَّمَ علَى
الأرضِ أجسادَ الأنبياءِ.)
صلوات
الله عليهم وسلامه، نعم عباد الله، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فينبغي ويستحب أن
تكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المواطن، وفي يوم
الجمعة بالذات تكثر من ذلك لأنه قال فأكثروا، وهذا إرشاد إلى أن يكون هذا هو ديدنك
في هذا اليوم أكثر من غيره من الأذكار، أن يكون ديدنك في يوم الجمعة، وكذلك أيضاً
ليلة الجمعة أن تكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولك أن
تصلي بأي صيغة مشروعة ولكن أفضل الصيغ هي الصلاة الإبراهيمية التي علمها النبي صلى
الله عليه وآله وسلم أصحابه، فقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى
أن كعب بن عجرة لقيه فقال له : أَلَا أُهْدِي لكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ
النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ؟ فَقُلتُ: بَلَى، فأهْدِهَا لِي، فَقالَ:
سَأَلْنَا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللَّهِ،
كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ؛ فإنَّ اللَّهَ قدْ عَلَّمَنَا كيفَ
نُسَلِّمُ علَيْكُم؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ
مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ
مَجِيدٌ،
اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى
إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.)
وروى
مسلم في صحيحه من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه، أن رجلًا قال يا رسول الله
أمرنا الله عز وجل أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فقال قولوا : اللهم صل على محمد
وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد
كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم، وصيغ
الصلاة الإبراهيمية كثيرة التي علمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه
اقتصرنا على هاتين الصيغتين وهناك صيغ كثيرة فمن أحب أن يرجع إليها وأن يقرأها
كلها وأن يحفظها كلها وأن يقول هذا تارة وهذا تارة فليرجع إلى كتاب العلامة
الألباني رحمه الله وعنوانه صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من
التكبير إلى التسليم كأنك تراها، فستجد هذه الصيغ كاملة أكثر من سبع صيغ كلها
ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنقول اللهم صل على محمد وعلى آل
محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد
وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم أعز
الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، اللهم لا تدع لنا ذنبا
إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا
مبتلا إلا عافيته، ولا عدوا إلا قصمته، اللهم وفقنا لطاعتك وجنبنا معصيتك، اللهم
أنج المستضعفين من المؤمنين في غزة وفي غيرها، اللهم كن لهم معينا ونصيرا، اللهم
احفظهم من كل سوء ومكروه، اللهم أطعم جائعهم، اللهم أمن خائفهم، اللهم اسق ضمآنهم،
اللهم عليك بعدوك وعدوهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم دمرهم تدميرا،
اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من
الخاسرين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
سجلت في يوم الجمعة 21 صفر 1447مسجد الشميري تعز
فرغها أبوعبدالله زياد المليكي
https://t.me/Zaedyyyyyy123456/3367