أتباع السلف الصالح

وستكون مواضيعنا إن شاء الله مُستقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله على وسلم , ونهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.

random

آخر الأخبار

random
recent
جاري التحميل ...

💢كشف الظلمة عن #بغي_البرعي وفجوره في الخصومة💢

 

💢كشف الظلمة عن #بغي_البرعي وفجوره في الخصومة💢
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أما بعد:
فإن من براهين المحق أن يكون عدلًا في مدحه، عدلًا في ذمه، لا يحمله الهوى عند وجود المراد على الإفراط في المدح، ولا يحمله الهوى عند تعذر المقصود على تقويل المخالف ما لم يقله، بل يرد كل خطأ بحسبه، مراعياً في ذلك المصالح والمفاسد على ما دل عليه الكتاب والسنة لا على آراء الرجال.
قال سبحانه وتعالى آمرًا عباده المؤمنين بالعدل في الغضب والرضا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ، وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8].
وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
وقال عز وجل: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ، وَلَا تَعْتَدُوا، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190].
فالعدل والرحمة من أصول أهل السنة التي يسيرون عليها، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ كما في الرد على البكري (ص 490):
وأئمة السنة والجماعة، وأهل العلم والإيمان، فيهم العلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ، وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8].
ويرحمون الخلق، فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداءً، بل إذا عاقبوهم وبيّنوا خطأهم وجهلهم وظلمهم، كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا. اهـ.
وقال أيضًا كما في الرد على المنطقيين (ص 425):
وكل عملٍ يُؤمر به فلا بد فيه من العدل، فالعدل مأمورٌ به في جميع الأعمال، والظلم منهيٌّ عنه نهيًا مطلقًا، ولهذا جاءت أفضل الشرائع والمناهج بتحقيق هذا كله وتكميله، فأوجب الله العدل لكل أحدٍ على كل أحدٍ في كل حال، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ، وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، إِنْ يَكُنْ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا، فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ [النساء: 135].
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ، وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: 8]، أي لا يحملنكم بغض قومٍ كعدوّكم من الكفار على ترك العدل.
وقال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ، وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ، لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: 58].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90]، ومثل هذا كثير.
فالعدل والرحمة والرفق والرد بالحكمة والموعظة الحسنة ضرورية لمن تصدّى للذبّ عن هذا الدين العظيم.
ورحم الله الإمام ابن الوزير ـ رحمه الله ـ حيث يقول:
فجديرٌ بمن انتصب في منصب الفتيا، أو ترقّى إلى مرتبة التدريس، أو تمكن في دُست التعليم، وتهيّأ للرد على الجاهلين والدعاء إلى سبيل رب العالمين: أن يكون مقتفيًا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عاملاً بما قال الله تعالى من الدعاء إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة. اهـ [العواصم ص 262].
وبعد هذا التذكير الحسن أقول:
استمعتُ إلى كلمةٍ للشيخ عبد العزيز البرعي ـ هداه الله ـ في كلماتٍ محصورةٍ ودقائق معدودةٍ، وتعبيراتٍ بالظلم والبغي والتجاوز موسومة، وعن العلم والعدل والحكمة محرومة، ولا غرو في ذلك، فهو إذا تكلّم عن العلّامة الحجوري وطلابه نسي المروءة، وتجنب العدل، وأطلق لنفسه العنان، وتكلم بما يُملي عليه خاطره باللسان، وكأن الأمر أمرُ مراغمةٍ لمن يعادي، لا أمرُ مراقبةٍ لله الواحد الأحد الهادي.
ولما رأيتُ أتباعه الرعاع، لهم هيَاعٌ وليَاعٌ في نشر هناته، والإشادة بطفراته، تجشّمتُ صعاب الرد، ونزعتُ سهمًا من سهام الجدّ، لينكشف لكل منصفٍ عوار فجوره، وينجلي لكل ذي عينين باطلُ زوره.
وأما ذلك التابع له الأعمى الأصمّ، والذي من التعصب في موضع الأرم، فلا سبيل لإقناعه، ولا مطمع في ثنيه وإفهامه إلا أن يشاء الله، فهو في خانةٍ ضيقةٍ ضمن زمرةٍ سيئةٍ قد طُبع على جباههم «لا مساس»، وكثرة مساس الحزبية تذهب الإحساس بنصحُ ذوي الروية ، فهو في تعصبه يهيم، وفي تعسفه الذميم، فاللهم سلّم يا كريم.
وقد آن الأوان أن يُماط اللثام عن تلك الكلمات المسمومة، والإطلاقات المشؤومة، المتخفية وراء قناع الغيرة على العلماء والدفاع عن الدعوة والدعاة بطريقةٍ معوجّةٍ ملبَّسة.
وإنما يظهر الحق في ذلك بالتبصر، إماطةً للأذى عن الطريق، وسلوكًا بمريد الحق سبيل التوفيق، والله الهادي إلى سواء السبيل.
وأنا إذ انبريتُ لهذا الرد، وتجهزتُ لكشف ذلك الزيف، لا يعني أني أبو جيدها ولا أبو عذرها، إذ سبقني إلى ذلك سليلُ الجياد طويلُ النجاد، الشيخ أبو سليمان سلمان العماد، القاطن في درة عدن، وبيده درة عمر؛ فكلامه تمرة الأحباب، وجمرة على الأخباب، لا يكادون يرفعون بعده رأسًا، ولا يتصدّون لمعارضة فخارها ببنت شفه، يُلجمهم بلجامٍ يمجون من شكيمته دمًا، ويستمرونه علقمًا، {‌يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ}.
ثم بعد ذلك، وعلى حين غِرّةٍ، يُعيدون الكرّة، وليت شعري ما المجدي إذا كان بعد الكرّة فرّة؟!
وفي كل مرّةٍ، والحرّ إن فَرّ لا يفرّ إلا مرّة!
فصاروا كما قال الأول:
لدى الحرب أنكاسٌ قصارُ السواعدِ
عجبًا لقومٍ يقيمون سوق الحرب على خواء، ويرومون نزالًا في خلاء، ويصوّبون نشابهم وقسيّهم إلى الهواء، وطلبوا الطعن والمنازلة، وتعاطوا القتال والمبارزة!
وإذا ما خلا الجبانُ بأرضِ ◇◇ ‌طلبَ ‌الطَّعنَ وحدهُ والنَّزالا،
ثم إذا أحسّوا بمن يُجابههم ويبيّن للناس عوارهم، رجعوا القهقرى، واعتصموا بالفِرا، وتنادوا: الوحا الوحا! والنجا النجا!
وبعد أن أعاد الكرة، وبكلامٍ أشبه ما يكون إملاءً من أبي مُرّة، صوبتُ سهمي، ونزعتُ رمحي، متمثّلًا بقول القائل:
حرامٌ على أرماحنا طعنُ مدبرٍ ◇◇ ويندقّ قدماً في الصّدور صدورها
📝وهذا أوان الشروع في المقصود، والله المستعان، وعليه التكلان!
اعلم ـ وفقك الله ـ أن الإنسان مهما علا كعبه في العلم، إذا بغى وأساء وتعدّى وظلم، لم نكن مأمورين أن نخاطبه بالحُسنى، ولا أن نعامله بالأَسنى؛ فإن ذلك يحمله على المضي قدمًا في غيّه فلا يرعوي، والذهاب بعيدًا في طغيانه فلا ينزوي، لاسيما أمثال هذا البرعي، الذي يهتبل المضايق، ولا ينفك عن البوائق، فقد أصبح مُرضعًا للأفدام، إمامًا للأقزام، في النيل من الأقرام، فلا بد من تقشير العصا، وإن أعقبت له الأسى، فلا يستكثرنّ الأسى من لا ينفك عن الأذى!
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ:
«ما ذكرتم من لين الكلام والمخاطبة بالتي هي أحسن، فأنتم تعلمون أني من أكثر الناس استعمالًا لهذا، لكن كل شيء في موضعه حسن، وحيث أمر الله ورسوله بالإغلاظ على المتكلم لبغيه وعدوانه على الكتاب والسنة، فنحن مأمورون بمقابلته، لم نكن مأمورين أن نخاطبه بالتي هي أحسن، ومن المعلوم أن الله تعالى يقول: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
فمن كان مؤمنًا فإنه الأعلى بنص القرآن.
وقال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ¤ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المُجَادلَةِ: ٢٠-٢١]، والله محقّق وعده لمن هو كذلك، كائنًا من كان».
[مجموع الفتاوى (3/232)].
قال أبو الطيب المتنبي:
ووضعُ النَّدى في موضعِ السَّيفِ بالعُلا
مُضرٌّ كَوضْعِ السَّيفِ في موضعِ النَّدى
المأخذ الأول على شقاشقه قوله:
"الحجاورة ليسوا راضين لا عنه ولا عن غيره من أهل السنة".
وصمُ أهل السنة بالحجاورة شنشنةُ من أخزم، ولا يصح هذا الوصم شرعًا، ولا يثبت عرفًا، ولا له موضع في مقاييس اللغة، ولا مطعن على أهل السنة أن يُلمزوا بلقبٍ لا يعرفونه، ويُوصموا بسِمةٍ لا يُقرّونها، إذ الإدعاءات تظل كما هي حتى يُقام عليها أهلها بيّنة، قال تعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
وهذا دأبُ أهل البدع والأهواء قديمًا وحديثًا، سِمةٌ بارزةٌ لا تنفكّ عنهم.
وصدق الإمام أبو حاتم الرازي رحمه الله حين قال:
"علامةُ أهل البدع الوقيعةُ في أهل الأثر" (شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 1/179).
ومن ذلك وصمُهم لأهل السنة بألقابٍ تنفيرية، منها على سبيل المثل لا على سبيل الحصر:
الحشوية، والمجبرة، والمشبهة، والناصبة، والنابتة، والمجسّمة، والرعاع، والأغثار، وحملة الأسفار، والعامة، ونفاة النظر، والمكيّفة، والمحدِّدة، والشكاك، والأوباش، والتيمية، والوهابية، وغير ذلك من الألقاب التي يقصدون بها التنفير.
وفي هذا العصر مضى المبتدعة والمتحزّبة على ما سار عليه سلفهم من التنفير عن أهل السنة والتنقّص لهم، ورميهم بما ليس فيهم، فمما استحدثوه ألقابًا لأهل السنة الشرفاء: الجامية، والوادعية، والمدخلية، وغلاة الطاعة، وعلماء البلاط، وعلماء السلاطين، والقعدية، والحجاورة، والتكفيريين، كل ذلك تنفيرًا عن أهل السنة، وسيرًا على رسم أهل الشقاق والبدعة.
قال الإمام أبو حاتم الرازي:
«وعلامةُ أهل البدع: الوقيعة في أهل الأثر، وعلامةُ الزنادقة: تسميتهم أهل السنة حشوية، يريدون إبطال الآثار، وعلامةُ الجهمية: تسميتهم أهل السنة مُشبِّهة، وعلامةُ القدرية: تسميتهم أهل الأثر مجبرة، وعلامةُ المرجئة: تسميتهم أهل السنة مخالفةً ونقصانية، وعلامةُ الرافضة: تسميتهم أهل السنة ناصبة، ولا يلحق أهل السنة إلا اسمٌ واحد، ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء».
أخرجه اللالكائي في شرح الاعتقاد (1/179).
وقال الإمام عبد القادر الجيلاني ـ رحمه الله ـ:
«وكل ذلك عصبية وغياظ لأهل السنة، ولا اسم لهم إلا اسم واحد، وهو: أصحاب الحديث.
ولا يلتصق بهم ما لقّبهم به أهل البدع، كما لم يلتصق بالنبي صلى الله عليه وسلم تسمية كفار مكة له ساحرًا وشاعرًا ومجنونًا ومفتونًا وكاهنًا، ولم يكن اسمه عند الله وعند ملائكته وعند إنسه وجنّه وسائر خلقه إلا رسولًا نبيًا بريئًا من العاهات كلها.
قال الله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 48]».
انتهى من الغنية لطالبي طريق الحق (1/166).
أما عُرفًا، فسائر الفرق الضالّة تعرف أن أهل السنة في اليمن وشيخهم العلّامة الحجوري من رؤوس أهل السنة، لها ينتصرون، وإليها ينتسبون، وعنها يُحامون، وبها يعتزّون، سُفكت دماؤهم في سبيلها، وهُجِروا من أرضهم من أجلها، فلا يرضَون عنها بديلًا، وإلى غيرها موئلًا.
وأما في مقاييس اللغة، فإن كان هذا الجمع جمعًا للحَجوري مرادًا به المنسوب إليه بتعليمٍ ونحوه، فيقال: الحجوريون.
أما إطلاق لفظ: الحجاورة فليس بصحيحٍ لغةً لأمور:
الأول: أن الجمع الصحيح هو ما تقدّم، وهو (حجوريون).
الثاني: أنه لو فُرض جمعُهم على منتهى الجموع (مفاعل)، فالواجب إعلال الواو الواقعة بعد ألف جمع التكسير، لكونها مدّةً زائدةً في المفرد (حجور)، وكل ما كانت المدة فيه زائدةً في المفرد نحو (عجوز، وصحيفة، وقلادة)، فإن هذه المدة تُبدل همزةً في الجمع نحو (عجائز، وصحائف، وقلائد).
ولكن القوم جاهلون باللغة، ظالمون باللفظ والمعنى، معتدون، والله لا يحب المعتدين. اهـ كلام فتح القدسي ـ حفظه الله ورعاه.
فما أحوجك أيها البرعي إلى أن تشغل نفسك بإصلاح منطقك، حتى إذا أردت النقد نطقت نطقًا صحيحًا.
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ كما في مجموع الفتاوى (32/252):
«وكان السلف يؤدّبون أولادهم على اللحن، فنحن مأمورون أمر إيجابٍ أو أمر استحبابٍ أن نحفظ القانون العربي، ونُصلح الألسن المائلة عنه، فيُحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة، والاقتداء بالعرب في خطابها.
فلو تُرك الناس على لحنهم كان نقصًا وعيبًا، فكيف إذا جاء قوم إلى الألسنة العربية المستقيمة والأوزان القويمة، فأفسدوها بمثل هذه المفردات والأوزان المفسدة للسان، الناقلة عن العربية العرباء إلى أنواع الهذيان، الذي لا يهذي به إلا قوم من الأعاجم الطماطم الصميان». اهـ.
وسببُ إطلاق هذا اللقب على أهل السنة وإلصاقه بهم ليس إلا لأنهم نصروا الحقَّ وأهله، وقمعوا الباطلَ وحزبه، وثبتوا على ما كان عليه مرجعيتهم وشيخ أهل السنة في اليمن، العلّامة يحيى بن علي الحجوري.
فلما رأوا إنكارَ علمِهم ضربًا من الهذيان، لا يخفى حتى على العميان، ولا تتفوه به الصبيان، عمدوا إلى هذه الفرية التي ما منها مرية، والمرادُ الإسكات أو الإسقاط.
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ ضمن كلامٍ يشبه ما نحن بصدده:
«لما علموا أنه لا سبيل إلى سلب علمه، عمدوا إلى جحده وإنكاره، ليُزيلوا من القلوب محبته وتقديمه والثناء عليه، فإن بهر علمُه وامتنع عن مكابرة الجحود والإنكار، رمَوه بالعظائم، ونسبوه إلى كل قبيحٍ، ليُزيلوا من القلوب محبته، ويُسكنوا موضعها النفرة عنه وبغضه.
وهذا شغل السحرة بعينه، فهؤلاء سحرةٌ بألسنتهم، فإن عجزوا له عن شيءٍ من القبائح الظاهرة، رمَوه بالتلبيس والتدليس، والدُّوكَرة والرياء، وحب الترفّع وطلب الجاه.
وهذا القدر من معاداة أهل الجهل والظلم للعلماء مثل الحرّ والبرد، لا بدّ منه، فلا ينبغي لمن له مسكةُ عقلٍ أن يتأذّى به، إذ لا سبيل له إلى دفعه بحالٍ، فليوطن نفسه عليه كما يُوطنها على برد الشتاء وحرّ الصيف».
(مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة 1/132).
لا أعلم فريةً من هذه العظائم التي ذكرها ابن القيم ـ رحمه الله ـ إلا ورُمي بها شيخُنا وطلابه، والمرام بلوغُ المرام، وعند الله تجتمع الخصوم!
كل هذا لأنهم دحروا الباطل وأهله، وهل دحرُ الباطل إلا بالشدة والتعنيف لا يصلح معه إلا التذفيف، ولا يُعد من انتصر للحق سبّابًا ولا شتّامًا، ومطالب المبتدعة كثيرة، ونيلُ رضا المتجني لا يُدرك!
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
وإذا سببتم بالمحال فسبّنا *** بأدلةٍ وحُججِ ذي بُرهانِ
تُبدي فضائحَكم وتهتكُ سِترَكم *** وتبيّنُ جهلكم مع العدوانِ
ما أبعدَ ما بين السباب بذاكم *** وسبابِكم بالكذب والطغيانِ
من سبَّ بالبرهانِ ليس بظالمٍ *** والظلمُ سبُّ العبدِ بالبهتانِ
(القصيدة النونية 1/91).
قال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ـ رحمه الله ـ:
«واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم، وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم».
(عقيدة السلف وأصحاب الحديث، ص 114، دار المنهاج).
البرعي والحقد الدفين
لعل البعض يتساءل: ما سر هذه الحملات الشرسة؟!
وهذه الأحكام الجائرة؟!
والتطاول بالكذب والبهتان؟!
فالجواب: من اطّلع على منشور البرعي محاماةً عن فتنة أبي الحسن المصري المسمى بـ"النصيحة والبيان" يجد بأن الرجل يحمل على شيخنا يحيى حقدًا دفينًا، وكلماته تنبئك عن رأيٍ سيئٍ في العلامة الحجوري، ومما قاله:
يحيى الحجوري أُخذ عليه أخطاء في ملزمة كاملة من جنس الأشياء التي أُخذت على أبي الحسن، بل بعضها أشنع من ذلك، فلمَ سكتوا عنها ولم يُنكروا عليه وكأن شيئًا لم يكن؟ وحين صدرت تلك الأخطاء من أبي الحسن صاحوا به وشنّعوا عليه، فإن قالوا: قد اتصل به الشيخ ربيع وناصحه وتراجع، أقول: نعم ما فعل الشيخ ربيع ونِعْم ما صنع يحيى، وهذا واجبهم، لكن لمَ حين صدرت الأخطاء من يحيى كان النصح سرًا، وحين صدرت من أبي الحسن كان النقد عن طريق الخطب والمحاضرات والأشرطة والإنترنت؟ ولمَ كانت التوبة من يحيى يكفي أن تكون سرًا، ومن أبي الحسن لا بد أن تكون علانية بل عالمية؟! مع أننا لم نرَ ولم نسمع تراجع يحيى الحجوري إلى الآن. انتهى المراد.
هذا هو ماضي عبد العزيز البرعي، ولا داعي لبيان حاضره، فهو أوضح من أن يُبيَّن!
فهو يرى أن أخطاء الحجوري التي أُخذت عليه أشنع من أخطاء أبي الحسن!
إن الأخطاء المزعومة التي لُفِّقت على شيخنا قد بيّنها طلابه أحسن بيان، والشيخ ـ حفظه الله ـ لا نعتقد فيه العصمة، وليس ممن يتكبر عن قبول الحق، ولكن البرعي يريد أن يُحامي عن أبي الحسن آنذاك بمثل هذه القياسات الفارغة والإلزامات الباطلة، والبرعي سكت حينها على مضض، بل أخرج بيانًا بعدها بستة أشهر يستشهد فيه بفراسة شيخنا في طريقة أبي الحسن ومنهجه الأفيح، فقال:
حقًا لقد صدقت فراسة الشيخ يحيى الحجوري فيك حينما قال: "أبو الحسن لديه منهج عدى به على الدعوة السلفية". انتهى.
وهذا كلامٌ صحيحٌ تبين له ولغيره ممن يزوبع الآن صحة فراسة شيخنا وأقواله الصائبة في أبي الحسن وطريقته، بينما تجد البرعي أراد حينها عبثًا أن يُحامي عن أبي الحسن بتلك الطريقة الهوجاء البعيدة عن الحق وطرقه.
وبعدها استمرت الدعوة، والبرعي في ظاهر أمره على الألفة والمحبة للشيخ والإجلال له، ولا نعلم له تراجعًا من كلامه السيئ الآنف ذكره.
وقال في حق الشيخ: "شامة في وجوه أهل السنة، وتاج على رؤوسهم".
وقال لما قيل له في شبكة الوحيين بأن الشيخ البرعي يُخطئ يحيى الحجوري:
"هؤلاء يصطادون في الماء العكر، وكلام فارغ، إنهم يُوقعون بيني وبين الشيخ يحيى"، أو بهذا المعنى. ثم قال: "الشيخ يحيى أخونا وحبيبنا، والله لو تناطحت الجبال ما استطاعوا أن يفرقوا بيننا".
وقال: نحن نعلم أنه على تقوى الله عز وجل ومراقبة، وأخونا في الله عز وجل، ونحبّه في الله، وعالم من علماء السنة، نفع الله به، أسدٌ من أسود السنة، تاجٌ على رؤوس أهل السنة، نحبّه في الله عز وجل.
من شريط أسئلة أصحاب قصيعر بتاريخ (28/7/1428).
وبعد هذا الثناء العطر، إلا أن البرعي لم يكن وده صافيًا، ولا زال في نفسه من الحجوري شيء؛
فتارة: يسمع بعض الناس ما يسميه "أخطاء الحجوري" ورد الفوزان عليه.
وأخرى: ينقل كلام الشيخ ربيع تقليدًا بأن الحجوري "حدّادي".
وأخرى: يصرّح بأنه نقل للمدخلي كذا وكذا فقال كذا وكذا.
وسُئل عن قول بعض الأخوات: إن الحجوري تراجع عن بعض الأمور التي ما زالوا ينشرونها،
فذهب يُظهر حقده الدفين الذي صبر عليه سنوات عدة، وقال: من سبق الحجوري إلى عدّ ستة أخطاء للنبي صلى الله عليه وسلم أمام العوام في محاضرة في حضرموت؟ ومن سبق الحجوري إلى عدّ عشرة أخطاء للصحابة في كتابه أحكام الجمعة؟!
وليس القصد الكلام عن ذينك الأمرين، ولا الرد عليه في هذا، ولكن لتعلم بأن البرعي ما صدق مع أخيه في وده، ولا أنصفه في حربه، فهو في كلا الموضعين لم يتق الله.
وأنا في هذا الموضع أوجّه له نصيحةً وجّهها هو لشيخه أبي الحسن المصري، إذ كان يعاتبه على ما أخفاه من حربه وحقده على الشيخ ربيع، وهو يُظهر له الود والمحبة، كصنيعك أنت مع شيخنا يحيى!
قال في موضعٍ من كلامه في رسالته "بداية الانحراف":
وأعجب من ذلك جلوسه من الشيخ ربيع مجلسَ التلميذ من شيخه، وهو يطلب منه أن يراجع له كتابه، وماذا تتوقع أن يجري بينهما من الملاطفة وحسن المؤانسة؟ إنه الكلام المتوقع بين التلميذ وشيخه، طلب الفائدة والاستعداد لقبولها، إضافة إلى الدعوات المباركة من أبي الحسن، فليس معقولًا أن يكون أبو الحسن غضوبًا ولا عبوسًا في ذلك المجلس، ومع ذلك يُكِنّ في قلبه وهو في ذلك المجلس أن هذا الكتاب حربٌ على الشيخ ربيع نفسه!! وفي قلبه من الغضب والحنق ما ترجمه صنيعه هذه الأيام!
هذا والله مجلس لا تُحسد عليه! سبحان الله! هل يرضى سنيٌّ أن يقف هذا الموقف الذي وقفه أبو الحسن؟ هذا الموقف الذي يدل على عدم رغبة في النصح، ويدل على مخالفةٍ ظاهرةٍ لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}، يعني: على وضوح، بحيث يستوي علمك وعلمه، فما دمت ترى أن الشيخ ربيعًا خائنٌ للدعوة السلفية ـ وحاشاه ـ فكان عليك أن تُصارحه من ذلك اليوم، لا أن تتخفّى هذا التخفي!
أسبقك يا أبا الحسن إلى هذا الصنيع أحدٌ من أهل السنة؟!! انتهى المراد من رسالته.
ونحن نقول: من سبقك إلى هذا الصنيع يا أبا ذرّ من أهل السنة؟!
ولماذا كلت له المدائح تُغرّر الناس به إن كنت صادقًا؟
ولماذا توقّره وتحترمه وأنت ترى أنه أساء إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وعدّ ستًّا من أخطائه في محاضرة؟!
وكلامه فيه لَبسٌ وإيهامٌ في أن الحجوري يقرر أخطاء النبي صلى الله عليه وسلم ويتكلم عنها ابتداءً، مع أن كلام الشيخ في تقرير مسألة علمية كان من فروعها الكلامُ عن اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم، ففصل القول فيها.
بل ويزعم أنه عقد لها هو وطلابه أبوابًا وفصولًا، وكذلك الأمر بالنسبة للصحابة رضوان الله عليهم!
كيف تُثني عليه وأنت ترى أنه ربّى طلابه على تخطئة النبي صلى الله عليه وسلم بينما لا يُخطّئونه؟!
كيف تُثني عليه وأنت تراه ربّى طلابه على التحاكم إليه، والإعراض عن التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟!
إلى هنا تنتهي الحلقة الأولى، وتليها الثانية إن شاء الله بعنوان:
[البرعي بوقًا على الدعوة السلفية]
كتبه: أبو عيسى علي العفري وفقه الله.
( 16/جمادى الأولى/1447) هـ

عن الكاتب

أتباع السلف الصالح

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

أتباع السلف الصالح